خلال الأيّام الأخيرة، ينتظر اللبنانيون ما ستحقّقه المفاوضات الأخيرة بشأن اتخاذ قرار لوقف إطلاق النار، ليكون بدوره تمهيداً لعقد اتفاقية شاملة لإنهاء الحرب. فيبدو أن خلاص لبنان أقرب إلى الواقع في هذه المرّة، نظراً لجدّيّة المفاوضات والضغوطات الديبلوماسية المرافقة لها، لا سيّما مع الإجماع الأميركي من قبل الإدارتين السابقة والجديدة على الإكمال بالمهمّة الدبلوماسية الموكّلة إلى المبعوث الأميركي آموس هوكستين منذ بداية الحرب.
لا بدّ من الإشارة إلى أن الخسائر التّي تكبّدها حزب الله مؤخّراً من ضربات واغتيالات وكان آخرها الحاج محمد عفيف، هي أحداث متسارعة جعلت حزب الله يميل إلى القبول بالمقترح الأميركي مع تقديم ملاحظاته إلى رئيس مجلس النواب نبيه برّي، باعتباره أحد المفاوضين اللبنانيين الرسميين والمكلّف في هذا الملفّ من قبل حزب الله.
ويمكن التنبّه إلى بعض العلامات المغايرة في الآونة الأخيرة، مع انخفاض حدّة خطاب المقاومة من جهة، وغياب الأمين العام الجديد نعيم قاسم عن المنابر، وأهمّها اضمحلال معادلة جبهة الإسناد لغزّة، وهي معادلة أطلقها الأمين العام السابق حسن نصرالله منذ الثامن من تشرين الأول 2023، واستشهد في سبيلها.
إن هذا الواقع الجديد الذي فُرض على حزب الله في الميدان، دفعه حكماً إلى السّير بالمقترح الأميركي دون الإشعار العلني بأنه إعلان هزيمة عسكرية، لكن الحقيقة واضحة أن الحزب لم يعد قادراً على احتواء التوغّل البرّي ولا تحمّل الضربات في الجنوب والبقاع والضاحية، مع تلويح جيش الدفاع الإسرائيلي بمراحل تصعيدية أخرى في حال فشل المفاوضات.
"لبنانيّاً"، أن إكمال المفاوضات بشأن إنهاء الحرب تعلو فوق مصالح حزب الله اليوم، لأنها تتلاقى مع المصلحة الوطنية للدولة اللبنانية ومع مصلحة الفرد اللبناني لخلاصه من الخطر الأمني الذي يتعرّض له منذ بدء الحرب العبثية. فلا يجب لأي عامل أن يؤخّر الوصول إلى اتفاقية في هذا المسار، ويكفي ما قدّمه الحزب من أفعال حتّى الأن. وما هو مطلوب في المرحلة المقبلة هو ضمان تطبيق أي اتفاق يعقد لإنهاء الحرب، طبعاً دون انتقاص أي من السيادة اللبنانية، وبحضور الجيش اللبناني ومؤسسات الدولة وحدها باعتبارها صاحبة الشرعية.