بعد عشرين عامًا على انطلاقتها الأولى، تعود المسرحية الغنائية "أنا وغيفارا" إلى خشبة المسرح في تجربة فنية متجدّدة تحمل بصمة الأخوين فريد وماهر صبّاغ، وتواكب تحوّلات الزمن وأسئلته الثقيلة، من السياسة إلى الإنسان، ومن الحلم إلى الخيبة.
العمل، الذي عُرض على مسرح جورج الخامس – أدونيس في زوق مصبح، لا يكتفي بإعادة تقديم نصّ قديم، بل يقدّم معالجة جديدة تعكس تبدّل النظرة إلى القضايا الإنسانية العالمية، في ظل واقع لبناني ما زال عالقًا في دوّامة الأزمات والخيبات.
وتستحضر المسرحية شخصية الثائر الأممي تشي غيفارا، لا بوصفه أيقونة جامدة، بل كرمز إنساني ومرآة لصراعات الحاضر، حيث تتقاطع الأسئلة حول الحرية والعدالة والخيارات الكبرى مع الواقع اللبناني، الذي يبدو بدوره أسير توازنات واتفاقات تتجاوز إرادة الشعوب.
النسخة الجديدة من "أنا وغيفارا" تجمع بين الموسيقى والمسرح والموقف، وتراهن على الفن كمساحة للأسئلة والطرح، لا كخطاب جاهز أو شعاراتي.
ويشارك في العمل نخبة من نجوم التمثيل والغناء في لبنان، من بينهم نادين الراسي، كارين رميا، أنطوانيت عقيقي، ريمون صليبا، جوزيف آصاف، رفيق فخري، سبع بعقليني، وألان العيلي، في توليفة فنية تعزّز ثقل التجربة وحضورها المسرحي.
وفي هذا السياق، أشار المؤلف الموسيقي والمسرحي فريد صبّاغ في حديث لموقع LebTalks إلى أن الكواليس كانت بمثابة خلية نحل قبل الصعود إلى المسرح، معتبرًا أن المسرح يشبه الحياة، لكن الحياة تمتدّ لسنوات، فيما يختصر المسرح كل ذلك في ساعتين. أضاف: "عندما تُفتح الستارة كأنك وُلدت، وعندما تُغلق كأنك متّ. لا تعرف ما قبلها ولا ما بعدها، بل تعيش ما في داخلها. لذلك يتطلّب التحضير الكثير من الجهد كي يكون كل شيء في مكانه، فالمسرح هو قمّة الفنون".
وعن زياد الرحباني، استذكر صبّاغ حضوره العرض الأول، حيث وقف عند نشيد الثورة وقال للجمهور: "هون بتزقّفوا". أضاف: "زياد شخص استثنائي، أحبّ النسخة القديمة من العمل، وأنا متأكد أنه لو كان حاضرًا اليوم لأحبّ النسخة الجديدة، لأنها مطوّرة ومكتوبة بخبرة عشرين عامًا. الأصعب في التعديل ليس ما تضيفه، بل ما تقرّر حذفه".
وأثبتت الممثلة نادين الراسي أنها ممثلة عظيمة من خلال أعمالها، لكنها أبدعت بشكل لافت على خشبة المسرح، حيث علّقت حضورها وأثبتت قدرتها المسرحية بامتياز.
من جهتها، أشارت الممثلة أنطوانيت عقيقي في حديث لموقعنا إلى أنها تجسّد دور ضابط يعمل لصالح النظام فيما قلبه مع الشعب، قبل أن ينقلب لاحقًا وينضم إلى صفوف الثوار، مؤكدة أن "لا يصحّ إلا الصحيح"، ومتمنّية أن يتحقق ذلك في الواقع. كما أثنت على دور المرأة في المجتمع وفي مواقع القيادة.
وكشفت عقيقي عن عمل درامي يجمعها في شهر رمضان بالممثلة والكاتبة كارين رزق الله والممثل يورغو شلهوب، من إنتاج مروان حداد وإخراج سمير حبشي، معلنة أن دورها في المسلسل سيكون كوميديًا خفيف الظل.
وفي السياق نفسه، لفت الممثل جوزيف قصاف إلى أن العمل يُعدّ عرضًا استعراضيًا كبيرًا، مشيرًا إلى أن هذا النوع من الأعمال بدأ بالانقراض، موجّهًا تحية خاصة إلى الأخوين صبّاغ، ومؤكدًا ضرورة الوقوف إلى جانبهما.
وعن دوره في المسرحية، قال قصاف إن الشخصية التي يؤدّيها تختلف عن أدواره السابقة، إذ تبتعد عن الكوميديا وتقدّم شخصية جديّة وقاسية، مؤكّدًا أن الجمهور سيتفاجأ بها نظرًا لكونها تجربة جديدة ومغايرة.
هكذا، تعود مسرحية "أنا وغيفارا" بروح جديدة تجمع بين الفن والموقف، مؤكدة أنّ المسرح لا يزال مساحة حرّة للأسئلة الكبرى والوجع الإنساني، ومرآة تعكس واقعًا لا يمكن الهروب منه، بل مواجهته بالإبداع والصدق.


