يحاول التيار الوطني الحر إلقاء تبعات عشرات السنوات من الفشل في قطاع الكهرباء على وزير الطاقة الحالي جو الصدي، ويريد منه أن يجترح المعجزات خلال أشهر معدودة، فيؤمّن الكهرباء 24/24 وبكلفة صفر على الدولة.
غير أن التيار، ولا سيما وزراؤه الذين تعاقبوا على وزارة الطاقة، يدرك تمامًا أن ما يطلبه من الوزير الصدي أمر مستحيل، وقد عجزوا هم أنفسهم عن تحقيقه. وبالتالي، فإن ما يقومون به اليوم ليس أكثر من حملة سياسية هدفها تأليب الرأي العام، ولا سيما المسيحي منه، ضد القوات اللبنانية.
طبعًا، ليس التيار الوطني الحر وحده مسؤولًا عن أزمة الكهرباء في لبنان، إذ إن عوامل كثيرة ساهمت في تفاقمها، إلا أن التيار هو الذي وعد اللبنانيين بتحقيق المعجزات.
والأدلة على ذلك كثيرة، منها كتاب الرسوم المتحركة الذي أعدّه الوزير جبران باسيل، حيث يروي لابنه قصة عن إنجازات في مجالات الكهرباء والنفط والغاز، لم يتحقق منها شيء، فبقي الكتاب حبرًا على ورق. ولا ننسى أيضًا الحملة الشهيرة المتعلقة بالكهرباء ٢٤/٢٤، والتي عُرفت بـ "On/Off" (أو بالعكس)، وكان وراءها النائب باسيل أيضًا، من دون أن تتحقق.
الخلاصة الأولية: القوات اللبنانية لم تكن هي الجهة التي أطلقت وعودًا في قطاع الكهرباء على مدى عشرات السنوات، بل التيار الوطني الحر. وإذا كانت القوات قد أطلقت وعودًا، فهي لا تتجاوز بضعة أشهر. ومن يريد محاسبة الوزير الصدي عليه أن ينتظر نهاية ولايته ليرى النتائج المحققة.
ماذا حقق الصدي حتى الآن؟
الإنجازات لا تُقاس حاليًا بعدد ساعات التغذية، على الرغم من أن هناك احتمالًا قريبًا لتحسينها، بل تُقاس بالأمور التالية:
١- إنشاء الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء، التي كان من المفترض أن ترى النور منذ العام 2002، ولم يحصل ذلك بسبب تعطيل قانون تنظيم القطاع والحد من صلاحيات الهيئة لصالح الوزير، كما كان يطالب التيار.
٢- منذ أن تسلّم الصدي وزارة الطاقة، لم تتحمّل الخزينة أي دولار لشراء الفيول أويل، وهي سياسة بدأها الوزير وليد فياض. في المقابل، استدانت كهرباء لبنان نحو 27 مليار دولار من الخزينة خلال عشرات السنوات الماضية، بما فيها ولايات وزراء التيار، من دون أن يتحقق حلم الـ24 ساعة كهرباء.
من المفترض أن تنتهي ولاية الوزير الصدي في أيار 2026 إذا جرت الانتخابات النيابية. عندها يمكن إجراء جردة حساب واضحة لما تحقق. وعلى وزراء الطاقة السابقين، ولا سيما الوزير وليد فياض، أن يدركوا أنه حتى ولو كان هو من مهّد وفاوض وتوصل إلى صيغة القرض مع البنك الدولي، وهو إنجاز يُحسب له، فإن التنفيذ سيحصل في عهد وزير آخر، قد يكون الصدي أو غيره، ويحق لهذا الوزير أن يعتبر الإنجاز قد تحقق في ولايته.