استعادت بيروت موقعها الطبيعي كعاصمة عربية للحوار والإعلام، مع انعقاد الملتقى الإعلامي العربي في نسخته الـ21 التي جمعت عشرات الشخصيات الإعلامية والسياسية والثقافية من مختلف الدول العربية، وقد شكّل الحدث محطة أساسية في مسار التعاون الإعلامي العربي، وفرصة لإعادة تأكيد دور لبنان المحوري في محيطه العربي.
الملتقى، الذي نُظّم برعاية رئيس الجمهورية جوزاف عون وبجهود واضحة من وزير الإعلام بول مرقص وفريقه، عكس صورة مشرّفة للبنان الرسمي، سواء من حيث التنظيم أو مستوى الحضور والمشاركة. وقد نجح الوزير وفريق عمل الوزارة في تحويل هذا اللقاء إلى منصة حوار حقيقية، من خلال الإعداد المحترف والمضمون الغنيّ، ما حاز تقدير الوفود العربية والمشاركين من مختلف الدول.
غير أنّ أهمية الملتقى لم تقتصر على جانبه الإعلامي أو المهني، بل تخطّت ذلك لتكتسب بعداً سياسياً واضحاً، فاختيار بيروت لاحتضان هذا الحدث في هذه المرحلة الدقيقة هو بحد ذاته رسالة سياسية من العالم العربي إلى لبنان، رسالة ثقة ودعم واحتضان، تعبّر عن رغبة عربية صريحة في تعزيز الاستقرار في لبنان وتشجيع سياسته القائمة على الانفتاح والتواصل مع محيطه.
لقد جاء الملتقى ليؤكد أنّ لبنان لم يخرج من دائرة الاهتمام العربي، وأنّ العالم العربي لا يزال يرى فيه مساحة التقاء، وموقعاً مؤثراً في صياغة الخطاب الإعلامي العربي الحديث. فانعقاد الملتقى في بيروت هو تعبير عملي عن دعم سياسي ومعنوي للبنان، وللنهج الذي يسعى من خلاله إلى تثبيت موقعه كجسر تواصل بين الشرق والغرب، وكمنصة للنقاش والإبداع الإعلامي.
ومن خلال الجلسات والنقاشات التي شهدها الملتقى، تبيّن أنّ هناك توجهاً عربياً مشتركاً نحو تطوير العمل الإعلامي وتعزيز التعاون بين المؤسسات الإعلامية في المنطقة، وهو ما ينسجم مع رؤية لبنان في بناء شراكات مهنية وإعلامية متقدمة، تواكب التحولات الرقمية والسياسية التي تشهدها المنطقة والعالم.
إن انعقاد الملتقى الإعلامي العربي في بيروت لا يمكن النظر إليه كحدث إعلامي فقط، بل كمؤشر سياسي على متانة العلاقة بين لبنان ومحيطه العربي، وعلى رغبة واضحة في إعادة ترسيخ حضور لبنان في المشهد العربي من بوابة الإعلام والحوار والتعاون، إنها رسالة دعم عربية للبنان ودعوة للاستمرار في نهجه المنفتح والمتوازن، ورسالة ثقة بأن بيروت قادرة، رغم كل الصعوبات، على استعادة دورها الريادي في قيادة النقاش الإعلامي العربي.