كما هو الحال عند كل استحقاق انتخابي، تتصاعد الشكوك والتساؤلات بشأن مدى صدقيّة النتائج وشفافية العملية الانتخابية، حيث يسود الترقّب بين الأوساط السياسية والجماهيرية على حدّ سواء، ويكثر التداول حول مدى مطابقة النتائج لما كان متوقعًا، وما إذا كانت كافة الإجراءات والعمليات الانتخابية قد تمّت بما يضمن نزاهتها ومصداقيتها.
وفي هذا السياق، أوضح الباحث في علم النفس الاجتماعي طانيوس شهوان أن "الأرقام التي صدرت كانت واضحة ولا تحتمل التأويل ولها مدلولات سياسية أكثر منها رقمية"، مشيراً إلى أن "ما جرى تداوله عن الفارق في الأصوات بين مرشح حزب القوات اللبنانية المحامي إيلي حشاش، والمرشح المدعوم من القوات اللبنانية وحزب الوطنيّين الأحرار عماد مارتينوس، هو فارق طبيعي ومتوقع".
وبيّن شهوان أن "أصوات حشاش كانت قواتية صِرف بنسبة عالية جداً، بينما حصد مارتينوس أصواتاً متعدّدة المصدر، قواتيّة، وأخرى من حزب الوطنيين الأحرار، وأصوات شريحة من المستقلّين الذين يؤيدون خيارات القوات اللبنانية إضافة الى كتلة من الاصوات من مختلف الشرائح السياسية والطائفية".
وبذلك، "تصبح نتائج الصندوق، وفق شهوان، منسجمة مع تركيبة التحالفات التي سبقت الانتخابات وبنية الكتل الناخبة. وأفضت الى هذه النتائج اوهو ما يفسّر الفارق من دون الحاجة إلى أي فرضيات أو افتراضات إضافية".
أما فيما يتعلق بما أُشيع عن توجيه أصوات بعض أعضاء الطائفة الشيعية المحسوبين على ثنائي "أمل – حزب الله" نحو المرشح عماد مارتينوس، فقد أشار شهوان إلى أنّ "هذا التحوّل، في حال صحته، يشكّل مؤشراً مهماً ودلالة لافتة وقد يكون أهم ما في هذه الانتخابات بالمعنى السياسي".
وأوضح شهوان أنه "منذ العام 2005 الى يومنا هذا إستأثر الثنائي "أمل – حزب الله" بالتمثيل الشيعي في كل المجالات، وانتظم مؤيدو هذا الثنائي بطريقة "حديدية" بتوجهاته، فكانت الخيارات تنحصر بين المشاركة الشيعية وفق توجهات هذا "الثنائي"، أو الترشح من دون إحداث أي تغيير، أو الامتناع عن التصويت أو عدم الترشح تماماً".
وبالنظر إلى ما جرى في الاستحقاق الأخير وما تم تداوله عن تجيير أصوات الشيعة إلى القوات اللبنانية، اعتبر شهوان أنّ "هذا دليل على أن هذا الثنائي بدأ يفقد جزءاً من قاعدته الشعبية الشيعية، وأن هناك تراجعاً تدريجياً في الولاءات التقليدية لهذه القوى مقابل تنامي تبدّل المزاج الشيعي وانتقال الناخبين الشيعة إلى الضفة السياسية الاخرى، وتبني خياراتها السياسية"، وأشار في السياق عينه إلى أن "ما حدث على مستوى الثنائي حصل كذلك على مستوى مكونات أخرى في لبنان وفي فترات سابقة".
وهكذا، يعكس هذا التحوّل دينامية جديدة داخل التركيبة الانتخابية الشيعية، قد تحمل انعكاسات كبيرة على المشهد السياسي المحلي في المستقبل القريب.