إنطلقت محادثات عمان على وقع التصعيد الأميركي. وتترقب المنطقة بأكملها ماذا سيحلّ بملف التفاوض الأميركي – الإيراني وإلى أين تتجه بوصلة المواجهة.
يؤكد المطلعون على السياسة الأميركية أن الرئيس دونالد ترامب لا يمزح في مسألة لجم إيران. القرار إتخذ وبدأت الخطوات العملية على الأرض. يفضّل سيّد البيت الأبيض إستسلام طهران بالحوار، لكنه لن يتراجع إذا صعّدت الأخيرة وحاولت شراء الوقت.
وكما في إيران كذلك في لبنان، “حزب الله” وصل إلى لحظة الحقيقة. سلاحه بات على الطاولة ولا مجال للمراوغة. وتعمّدت قيادات “الحزب” وكوادره خلال الأيام الأخيرة بثّ أجواء متضاربة حول تسليم السلاح أو الذهاب إلى الحوار ضمن إستراتيجية دفاعية.
تعود بدعة الحوار حول الإستراتيجية الدفاعية إلى رئيس مجلس النواب نبيه برّي، فعندما إشتدّ ضغط قوى 14 آذار على “حزب الله” وفلول النظام السوري في محاولة لإسقاط الرئيس إميل لحود، أخرج برّي أرنب الحوار وعقدت جلسات عام 2006 إنتهت بحرب “تموز” المدمّرة.
إجتاح “حزب الله” بيروت في 7 أيار 2008 وذهب الجميع إلى الدوحة الذي أقر مبدأ الحوار للإتفاق على السلاح ودوره، وعقدت جلسات حوار بعدها برئاسة الرئيس ميشال سليمان، ودائماً كان “الحزب” يتنصل من الإلتزامات.
إندلعت الحرب السورية وبدأ لبنان يعاني، فدعا سليمان إلى جلسات حوار في صيف 2012 وأقرّ مبدأ الحياد، لكن “حزب الله” لم يلتزم وإنغمس في الحرب السورية وبات جزءاً من مشكل إقليمي. وعند إنتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، حاول الدعوة إلى طاولات حوار أبرزها في قصر بيت الدين عام 2019 لمعالجة الأزمات وأبرزها الأزمة الإقتصادية لكن التطورات المتسارعة جعلت موضوع السلاح غير قابل للنقاش.
دخل لبنان عهداً جديداً بعد إنتخاب العماد جوزاف عون رئيساً للجمهورية في 8 كانون الثاني الماضي، وكان إتفاق وقف إطلاق النار الموقّع في 27 تشرين الثاني بداية لوضع مسار لإنهاء فلتان السلاح غير الشرعي. وما إلتزام رئيس الجمهورية بمسالة حصر السلاح بيد الدولة إلا بداية لمعالجة هذا المسار.
وتطمئن بعبدا لسلوك هذا المسار الدرب الصحيح، ويتولى رئيس الجمهورية معالجة الأمر بعد إسقاط فكرة الحوار الوطني الجامع والفضفاض. والثابت حتى هذه الساعة المباشرة بحوار أو تواصل ثنائي بين عون و”الحزب” سينتهي بقبول الأخير بتسليم ما تبقى من سلاحه.
وإذا كان “حزب الله” حاول في الساعات الماضية التأكيد على تسليم معظم مراكزه جنوب الليطاني، إلا أن الضغط الداخلي والخارجي هو باتجاه تسليم كل النقاط والمخازن على جميع الأراضي اللبنانية.
وتشدّد مصادر رسمية على أن القرار متخذ في هذا الشأن ولا تراجع، وإلا لن يكون هناك مساعدات مالية للدولة اللبنانية، ولن يحصل لبنان على دولار واحد لإعادة الإعمار، وبالتالي ستتراكم الأزمات والبيئة الحاضنة هي التي تدفع الثمن الأكبر نتيجة مغامرة “حزب الله” الأخيرة.
يتلازم مسار تسليم سلاح “حزب الله” مع مصير المفاوضات النووية الإيرانية، فاذا أسفرت المفاوضات عن إتفاق سيكون من السهل حلّ المسألة الإيرانية سلمياً وينعكس إيجاباً على لبنان، وإذا عاندت طهران فالضربة آتية لا محال. وبالنسبة إلى لبنان فما قالته الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس اكثر من واضح، إذا لم تضعوا حداً لـ”حزب الله” فلن نستطيع منع إسرائيل من إستكمال حربها للقضاء على ما تبقى من قدرات لـ”الحزب” وإيران في لبنان.