أفادت مصادر أمنية مطّلعة بأنّ الجيش أحرز في الأشهر الأخيرة تقدّماً ملموساً في الجنوب، ضمن مساعيه لتعزيز الأمن وبسط السيطرة على الأراضي اللبنانية كافة. ويعكس هذا التقدّم، وفق المصادر نفسها، قدرة المؤسسة العسكرية على تنفيذ عمليات نوعية ضد الأنشطة غير القانونية، مع الحفاظ على استقرار الخطوط الحدودية، ما يرسّخ دورها كقوة أساسية في مواجهة التهديدات الداخلية والخارجية.
وتُشير المصادر إلى أنّ التقدّم لا يزال محدوداً في الجنوب، في حين يبقى البقاع النقطة الأكثر هشاشة في المشهد الأمني. فهناك، يتزايد انتشار السلاح خارج السيطرة، وتتنامى أنشطة مجموعات خارجة عن القانون وعابرة للمناطق، ما يحوّل البقاع إلى بؤرة ضغطٍ مستمرة على خطط الجيش ويُضعف قدرته على تحقيق انتشار متوازن بين الجبهات.
وتلفت المصادر إلى أنّ البقاع تحديداً يشكّل عقدة أمنية معقّدة بفعل تركيبته الاجتماعية، ما يجعل أيّ تدخل عسكري فيه يحتاج إلى تنسيق سياسي وأمني على مستويات متعددة.
وتشدد المصادر على أنّ البقاع، بوصفه منطقة تحت نفوذ حزب الله، لم يُذكر ضمن الاتفاق الذي أبرمه الحزب مع إسرائيل في تشرين الثاني الماضي، مشيرة إلى أنّ هذا الواقع يشكّل مفارقة واضحة، إذ يترك المنطقة خارج أي إطار أمني أو سياسي مباشر، لكنه في الوقت نفسه لا يغيّر المعادلة الاستراتيجية لإسرائيل تجاه الحرب في جنوب لبنان، ما يؤكّد أنّ البقاع يظل منطقة توتر وتهديد محتمل، ويُبقي على التعقيدات أمام الجيش اللبناني في سعيه لتعزيز الانتشار والسيطرة على كامل الأراضي.
في المقابل، يحذّر خبراء أمنيون من أنّ تفلّت السلاح في البقاع، لا يهدّد فقط الاستقرار، بل يضرب في عمق الخطة الاستراتيجية للجيش. ويرى هؤلاء أنّ ما تحقق في الجنوب يعكس مرونة المؤسسة العسكرية وكفاءتها في إدارة الأزمات، غير أنّ استمرار الوضع القائم في البقاع قد يُبقي الأمن اللبناني رهينة التفاوت بين مناطق ممسوكة وأخرى خارجة عن السيطرة، ما يستدعي مقاربة شاملة وميدانية دقيقة تضمن ترسيخ الاستقرار وتعزيز حضور الدولة في كامل البقاع قبل سواه من المناطق.