13 نيسان بما يحمله من تاريخ أسود على لبنان واللبنانييّن، يوم لا يُنتسى دُق فيه ناقوس الخطر على الدولة، التي تزعزعت عند أول رصاصة وإنقسمت، والمشهد لا يزال حاضراً لان التاريخ يعيد نفسه دائماً في لبنان، الذي عايش سلسلة حروب داخلية كانت تتحّضر في الخارج، وينفذها اللبنانيون بأيديهم تحت عناوين متكرّرة، فيقعون دائماً في فخها وهي الطائفية والمذهبية، ومع ذلك يردّدون لغاية اليوم مقولة " تنذكر وما تنعاد".
لكن هذا العام وقبل أيام قليلة من الذكرى، سيطرت المخاوف من إستعادة مشاهد الحرب، بعد عملية إغتيال منسّق حزب "القوات اللبنانية" في جبيل الشهيد باسكال سليمان، والاسئلة تتسع لكن لغاية اليوم بقيت من دون أجوبة مقنعة كما يحصل عادة في لبنان، لذا تستمر الهواجس لترافق اللبنانيين من جديد وبقوة، فهل نحن على أبواب حرب جديدة؟، طالما ما زال الغريب يعمل على تغذية أسس تلك الحرب حين يشاء، وطالما ما زالت الدويلة مسيطرة على الدولة، وتتحكّم بقراراتها وسط صمت مريب، فالمتاريس العسكرية تحوّلت الى سياسية، وهنالك قلق من عودتها، لانّ الوطن لا يزال على دروب الجلجلة، ولعلّ الذكرى تصبح عبرة، فتشّكل حافزاً لدى كل اللبنانيين ليكونوا جميعهم على مستوى المسؤولية الوطنية، فيضعون مصلحة بلدهم فوق كل إعتبار، كي لا تبقى المتاريس السياسية متأهبة دائماً!
وعلى ما يبدو انّ كل تلك العقود لم تستطع ان تمحو المشاهد عند اي مفترق خطر، في ظل إستمرار بعض السياسيين بالتلّهي بالقشور، لانهم لا يستذكرون شيئاً من مشاهد القتل والدماء وسقوط الضحايا والدمار والخراب، وإلا لعملوا من اجل الوطن الذي ما زال حتى اليوم جريحاً، بحيث نسمع كل يوم تهديدات من هنا واخرى من هناك، عن إمكانية عودة الحرب وكأنهم لم يتعلّموا شيئاً من دروس الماضي الاليم، فبقي كل شيء على حاله، شحن طائفي – مذهبي، انقسامات وخلافات لا تعّد ولا تحصى، وما كان يدور في النفوس لم تزحزحه الجبال، ووحدهم الضحايا لم يتغيّروا لانهم دفعوا الثمن، والجرحى ما زالوا يدفعون ثمن إعاقتهم حتى اليوم، من دون ان ننسى الجريح الاكبر لبنان، الذي دُمّر وُحطّم ونزف بفضل مخططات جهنمية ارادت إنهاءه، لكن في النهاية كلمة واحدة فقط يجب ان تسود يومياً، وهي الترّحم على كل الشهداء الى أي طائفة او مذهب إنتموا…
ولان الوطن مهدّد بإمكانية إعادة إحياء تلك الذكرى الاليمة على ارض الواقع، على جميع السياسيين والاحزاب والتيارات من دون إستثناء، ان يجهدوا في حال كانوا حقيقة يريدون إلغاء كل تلك السنوات من النفوس اولاً، وان ينقذوا لبنان عبر مساعدة الدولة وجيشها، لاننا بتنا نعيش يومياً 13 نيسان بسبب ما يجري بين السياسيين والتداعيات التي تنتج عن إنقسامهم، فجعلوا ذاكرتنا عصيّة على النسيان، فيما المطلوب ان يتلاقوا على مقولة واحدة هي " لبنان وطن الجميع" على إختلاف الإنتماءات والتوجهات، وبالتالي فإن محو هذه الذكرى يكون بأخذ العبر منها، والبحث عن السبل لدرء الاخطار عن لبنان، وحمايته من التجاذبات المجاورة والإقليمية والدولية التي تنعكس سلباً على وحدته الوطنية، إضافة الى ضرورة الابتعاد عن أي رهانات خاطئة دفعنا جميعا ثمنها، ولا نزال نجهد للتخلص من تداعياتها حتى اليوم، اذ آن الآوان ان يتعلّم الجميع من دروس الحرب والماضي الاليم.