بين موافقة "حماس" المنهزمة وحشر نتنياهو المتأزم: غزة على طريق السلام الاميركي

gaza

إن ما حصل في ملف غزة خلال الأربع والعشرون ساعة الماضية من تطورات ايجابية بدأت ترسم نهاية المأساة الفلسطينية في القطاع والتوجه نحو السلام خير دليل على ان متى وضعت حماس مصلحة الشعب الفلسطيني والغزاوي في طليعة اولوياتها يمكن ايجاد الحلول وتجنيب الناس الويلات عبر موافقته على أبرز ما طالب به الرئيس الاميركي دونالد ترامب والشعب الاسرائيلي إلا وهو إطلاق جميع الاسرى والمخطوفين دفعة واحدة أحياء أو أموات ووقف اطلاق النار فوراً وهذا ما أكد عليه الرئيس ترامب نفسه في بيانه على شبكته الخاصة منذ ساعات.

حماس أخيراً لعبت لعبة ذكية بعيداً من التهور والانفعالية والمعاندة والمكابرة (لو يتعظ منها حزب الله) بقبولها بالتفاوض على خطة الرئيس دونالد ترامب وبخاصة بموافقتها على ما يهم الأخير والرأي العام الاسرائيلي بإطلاق جميع الاسرى والمختطفين من الجانبين دفعة واحدة وموافقتها على ان تتولى ادارة القطاع لجنة من الفلسطينيين التكنوقراط ما دفع بالرئيس ترامب إلى الطلب علناً من رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو وقف إطلاق النار فوراً.

هذا الذي جرى يجعلنا نتوقف عند الاستخلاصات التالية:

أولاً: وضعت حماس نتنياهو أمام مأزقين: الأول تجاه ائتلافه المتطرف الحاكم والثاني أمام الرئيس دونالد ترامب وهي تعلم أن ذلك لن ينقذها من حتمية انتهاء دورها السياسي في غزة وتراجع سيطرتها على القطاع ومع ذلك لعبت أوراقها القليلة الأخيرة فأحدثت هذا المأزق في موقف بنيامين تجاه ترامب وحلفائه في الائتلاف الحكومي.

ثانياً: حماس بعد الضربة الجوية العسكرية على الدوحة فهمت ألا أفق لها ولا مجال لها للاستمرار في المناورة والمكابرة وبالتالي قررت التخلي عن منطق السلاح السياسي والانتقال لاعتماد الديبلوماسية والتفاوض والمرونة بضغط تركي قطري مصري اردني، ومن هنا كانت موافقتها على خطة ترامب في المبدأ حيث ثمة نقاط من المبادرة لا تزال بحاجة لنقاش بين حماس والفصائل الفلسطينية وبين حماس وإسرائيل والأميركيين وهذا ما سيحصل لاحقاً ومن ضمنها عقد مؤتمر فلسطيني جامع بدعم وإعداد مصري بالدرجة الاولى لبحث مستقبل غزة ومن خلالها مستقبل القضية الفلسطينية وكيفية ولوج التفاوض الشامل على تحقيق السلام.

ثالثاً: تراجعت حماس سياسياً بمجرد موافقتها على حكومة فلسطينية من التكنوقراط لإدارة القطاع تكون هي خارجة بعدما كانت تكابر في اعتبارها صاحبة الحق الوحيد والخيري في ادارة القطاع.

رابعاً: الرئيس دونالد ترامب قبل بالتفاوض مع "حماس" على نقاط عدة والمزيد من درس بنود التسلسل الانتقالي وحكم ادارة غزة والترتيبات الامنية ونزع السلاح وتنفيذ اسرائيل الانسحاب الفعلي من القطاع وكيانية الضفة والقطاع كوحدة جغرافية واحدة تمهد لدولة فلسطينية أو كيان فلسطيني مستقل.

فالرئيس ترامب قال لبنيامين نتنياهو خلال لقائهما الأخير في واشنطن: لا أريد منك كلمة لا ولا عبارة "نعم ولكن"، كل ما أريده منك كلمة نعم وإلا عُد إلى اسرائيل وتدبر أمرك لوحدك.

فموافقة حماس على اطلاق الأسرى والمختطفين وعلى حكم فلسطيني تكنوقراطي لغزة تلاقي رغبة الرئيس ترامب والشعب الاسرائيلي الطواق لحل مسألة الاسرى وبالتالي بات بنيامين نتنياهو في مأزق مزدوج كما سبق وذكرنا أعلاه.

خامساً: حماس تعلم أن موافقاتها لن تنقذ دورها ومستقبلها الحتميين لكن ما نجحت فيه الآن برميها أوراقها الأخيرة هو في اخراج نتنياهو وحشره في زاويتين مزدوجتين.

من هنا فالمتوقع أن يتعرض رئيس الوزراء الاسرائيلي لضغوط كبيرة من المتطرفين في ائتلافه الحالي الحاكم فإما يرفض طلب الرئيس ترامب بوقف إطلاق آبار ووقف الحرب وهذا سيكلفه كثيراً تجاه واشنطن وهو ليس في وضع مريح ليتحمل تبعات تخلي الأميركيين عنه وإما يستجيب لطلب الرئيس ترامب (وهذا الخيار هو المرجح) فتنتهي حكومة المتطرفين الحالية وتسقط وعندها يدعى لانتخابات تشريعية مبكرة ينتج عنها ائتلاف اليسار الاسرائيلي وتشكيل حكومة تحظى بـ32 مقعداً في الكنيست داعم لحكومة معتدلة. وقد أشارت استطلاعات الرأي في إسرائيل إلى أن 66% من الاسرائيليين يؤيدون مشروع ترامب للسلام وحتى من ضمن معسكر المتطرفين ثمة نسبة 61% من الاسرائيليين المؤيدين لخطة ترامب ما سيجبر نتنياهو (ان بقي في السلطة) على السير في مشروع ترامب بعد تخلصه من حلفائه المتطرفين.

سادساً: بالنسبة لسلاح حماس فان السلاح الهجومي انتهى اما الدفاعي منه فيطرح اشكالية مجتمعية غزاوية نظراً لردود الفعل السلبية حياله من الداخل الغزاوي فحماس لم يكن يوماً يعنيها لكن مواطني غزة وكل ما ستضغط باتجاهه حماس مع الاميركيين هو الاحتفاظ بدور امني لها مع تنازلها عن حكم غزة بموافقتها على لجنة ادارة القطاع فلسطينية من التكنوقراط.

حماس تبحث في الواقع عن إنقاذ ماء وجهها تجاه الغزاويين والفلسطينيين بعد فشلها الذريع في الحفاظ على وجودها السياسي وحماية غزة والغزاويين وهزيمتها العسكرية الكبرى منذ السابع من تشرين الأول.

وها هي احداث خان يونس في الساعات القليلة الماضية تضيف إلى سجلات حماس دليلاً إضافياً على سقوطها من داخل المجتمع الفلسطيني.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: