في لحظة لبنانية مأزومة، محاطة بنيران الجنوب وضغوط الخارج، تبرز مبادرة أميركية جديدة نقلتها الموفدة مورغان أورتاغوس إلى شخصيات لبنانية بارزة، المبادرة تقترح توسيع الإطار القائم للتنسيق بين لبنان وإسرائيل، بحيث يتجاوز الطابع العسكري الحالي ليشمل بعداً سياسياً موازياً، ما يمنح المسار طابعاً تفاوضياً مزدوجاً يجمع بين الأمن والسياسة.
لكن ما بدا اقتراحاً تقنياً على المستوى الظاهري، انكشف في الجوهر كمحاولة مقنعة لجر لبنان إلى طاولة سياسية تحت عنوان "تنظيم الحدود"، تمهيداً لمرحلة ما بعد الحرب، وفي هذا السياق، يصبح الحديث عن نزع سلاح حزب الله أو تحييده مدخلاً إلزامياً لأي نقاش حول مستقبل العلاقة مع إسرائيل.
وفق معلومات LebTalks، كان الموقف اللبناني حاسماً وواضحاً، مفاده رفض بيروت أي بحث سياسي خارج الإطار العسكري المعتمد، مؤكدة أن أي محاولة لزج المسار الأمني في سياق سياسي تُعد تجاوزاً للخطوط الوطنية الحمراء، وتفتح الباب أمام مسار تطبيعي متنكراً في عباءة التفاوض.
وفي المقابل، تتحرك الحكومة اللبنانية في حقل ألغام سياسي وأمني، مدركة أن إسرائيل تسعى لفرض وقائع ميدانية جديدة تمهد لمسار تفاوضي لاحق تُرسم خطوطه على نار الحرب، وهنا، المطلوب، وفق الكواليس الديبلوماسية، هو تدمير سلاح "الحزب" أو تحييده بالكامل قبل أي بحث في الحلول السياسية.
مصادر مطلعة أكدت لموقعنا أن بيروت أبلغت الموفدين الدوليين موقفاً صارماً لا مفاوضات تحت النار، ولا ترتيبات لما بعد الحرب قبل وقف العدوان وتثبيت الاستقرار، وبهذا، تنقلب المعادلة رأساً على عقب، فالمفاوضات التي كانت تُطرح سابقاً كخيار لتجنب الحرب، باتت اليوم امتداداً لها.
في الخلاصة، تقف بيروت عند مفترق حاسم. المواجهة الحازمة مع السلاح غير الشرعي هي حماية لسيادة الدولة وأمن المواطنين، فالاستمرار في التسامح معه يمس جوهر وجود الدولة واستقلالها، بالتالي الدفاع عن لبنان يعني أولًا الدفاع عن دولة قوية، خالية من أي قوة مسلحة خارج سلطتها.
