تصفية لونا الشبل… لحظةُ تقاطعِ الصراعات الاستخباراتية

lounachebel

لم تكن حادثة سيارة مستشارة رئيس النظام السوري بشار الأسد من قبيل الصدفة ولا حادث قضاءٍ وقدرٍ، إذ ان المعطيات المتقاطعة تؤكد بأن الحادثة كانت مدبّرة لتصفيتها انعكاساً لصراع الأجهزة التي تعيشها سوريا في الخفاء، وأحياناً في العلن بين 3 أجهزة أساسية : سورية وإيرانية وإسرائيلية.

المعروف أن لونا الشبل كانت من المقرّبين من الروس أكثر من الإيرانيين، وأنها أصبحت جزءاً من الحلقة الضيقة للرئيس السوري، كما من المعروف أيضاً أن ثمّة خروقاتٍ إسرائيليةٍ استخباراتية للأجهزة الأمنية السورية، وقد تقصّت الأجهزة الإيرانية منذ حادثة قصف المبنى القنصلي الإيراني في دمشق الخروقات الأمنية والاستخباراتية في الأجهزة السورية، ما حملَ الأجهزة الأمنية السورية على استعجال التخلّص من العناصر التي لها دور في تلك الخروقات.
ومن نلاحظ أن ثمّة خرقاً إسرائيلياً كبيراً لكل الأجهزة الأمنية للنظام، وقد انتقلت إيران من موضع الشكّ الى موضع التأكد من الخروقات الحاصلة لا سيما وأن طهران درست بشكلٍ متّقنٍ حجم الخروقات التي تسمح لإسرائيل منذ أكثر من سنة بتلقّي معلومات دقيقة عن تحرّكات الكوادر والقيادات الإيرانية في دمشق، من هنا يبدو أن لونا الشبل كانت من بين تلك الحلقة الاستخباراتية الخارقة للأجهزة الأمنية السورية، وقد كانت من بين المشكوك بهم بتسريب المعلومات للإسرائيليين فجاءت تصفيتها من ضمن حاجة المخابرات والأجهزة السورية للتخلّص من العناصر التي تخترقها قبل انكشافها للإيرانيين،
إذ من المعروف أن من يمكنه اغتيال لونا الشبل : إما الإيرانيين لكنهم لا يستطيعون، وإما المخابرات السورية أي مخابرات نظام وعائلة الأسد لتجنّب الإحراج والضغوط الإيرانية الإضافية.

  • المرحلة المقبلة للتصفيات الفردية

في المعطيات أن لونا الشبل كانت حلقة وصل بين المخترقين وبين أفراد عائلتها المتّهمين بتزويد إسرائيل بالمعلومات،
فباتَ من مصلحة الأجهزة الأمنية السورية التخلّص من الخيوط التي يُخشى أن تصل الى علم الإيرانيين، فكان لا بدّ من استخدام ورقة التصفية، أما وقد توفيت أو بالأحرى تمّت تصفيتها وإزاحتها، فالسؤال المطروح عن واقع الوضع الداخلي للنظام السوري، إذ ان قرار تصفية لونا الشبل لا يمكن أن يصدر عن ضابطٍ صغيرٍ في الأجهزة الأمنية، فهي مستشارة رئاسية مقرّبة جداً من بشار الأسد وعائلته، من هنا لا بدّ أن يكون القرار بالتصفية قد صدرَ عن المراجع العليا للنظام والأجهزة الأمنية بحيث أن إيران لا تستطيع مواجهتها مباشرةً لأن في ذلك ضرب للهيكليات الموجودة في ترتيب السلّم الأعلى للأجهزة الأمنية السورية كافة، الأمر الذي يُهدّد تلك الهيكليات بالسقوط إذا ما تدخّلت إيران مباشرةً معها، لذا فإن وتيرة التصفيات الحاصلة والآتية من المقبل من الأيام ستبقى مصبوغةً بالصبغة الفردية لتقطيع مرحلة إخفاء عناصر الخروقات الأمنية والاستخباراتية عن الإيرانيين.

  • الوجود الإيراني في سوريا لم يعد موضع إجماعٍ

لا يغيب عن البال أن تصفية لونا الشبل تندرجُ ضمن الصراعات الكبيرة الحاصلة بين الأجهزة الأمنية والاستخباراتية بين أكثر من 4 دول داخل سوريا، فالصراع الاستخباراتي والأمني على أشدّه بين الإيرانيين والإسرائيليين، والصراع قائم بين الروس والإيرانيين، والنظام السوري منقسمٌ في توجهاته بين الروس والإيرانيين والإسرائيليين، لا سيما وأنه من ضمن الشروط التي وضعت لبشار الأسد للولوج الى تسويةٍ سياسيةٍ في سوريا التقرّب من إسرائيل والتفاوض معها على استرجاع الجولان، وعلى تطبيع العلاقات من الإسرائيليين كي لا تعود سوريا مصدر قلقٍ وتهديدٍ لإسرائيل، وبالتالي فإن كافة الخيوط تتقاطعُ وتتسبّب في استعار الصراع الاستخباراتي بين الأجهزة السورية بعضها ببعض، وبينها وبين كل من الإيرانيين والإسرائيليين.
تل ابيب اخترقت كافة أجهزة واستخبارات النظام السوري حالياً ولا يمكن لطهران معالجة الموضوع برمّته بل من خلال إيجاد مداخل جزئية للمعالجة، فالإيرانيون باتوا يدركون أنهم لم يعودوا موضع إجماع في سوريا لا سيما في مناطق نفوذ النظام ما يزيد من نسبة الخروقات والتسريبات الاستخباراتية والأمنية  لإسرائيل ويهدّدُ أكثر فأكثر أمنها ووجودها في سوريا.
هذه الصراعات الاستخباراتية تشكّل وجهاً من أوجه قرب سقوط النظام السوري الحالي لكن بعد انتهاء تأديته للدور المطلوب منه روسياً وإيرانياً و… عربياً.
اليوم لونا الشبل … بانتظار التالي …

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: