تصويت المغتربين ولغة التخوين بين إسطوانة "الحزب" الممجوجة ولعبة الوقت

baladiyye 4

على مسافة ثمانية أشهر من الانتخابات النيابية المقررة في أيار المقبل، عاد النقاش حول اقتراع المغتربين إلى الواجهة، ومعه خطابٌ يضع اللبنانيين أمام معادلة مغلوطة، وكأن الدولة غير قادرة على إدارة الاستحقاق الانتخابي بعدالة بسبب ما يسمّى "غياب تكافؤ الفرص".

نائب كتلة الوفاء للمقاومة حسين الحاج حسن تحدث عن "نوايا للهيمنة والإقصاء"، لكن الواقع أن المشكلة ليست في مؤسسات الدولة بل في الفريق السياسي الذي يهيمن عليها ويمنعها من القيام بدورها الطبيعي.

اقتراع المغتربين ليس منّة من أحد، بل حق دستوري يقرّره مجلس النواب عبر التصويت. هذا المجلس هو المرجع، لا أي جهة حزبية تعتبر نفسها مخوّلة فرض "فيتو" على ملايين اللبنانيين المنتشرين في العالم. الديموقراطية واضحة: الأكثرية تقرّر، والأقلية تلتزم، ومن يرفض هذه القاعدة يُفرِغ النظام من مضمونه.

أما الحديث عن غياب تكافؤ الفرص في دول معيّنة، فهو في جوهره اعتراف بأن اللبنانيين وُضعوا في مأزق لم يصنعوه هم، بل فرضه عليهم من قرّر جرّ لبنان إلى عزلة سياسية وعداء مفتوح مع نصف العالم. الفريق المهيمِن هو من عطّل المؤسسات الدستورية، ومنع الدولة من تنظيم شؤونها وتطوير أدواتها، ثم يأتي اليوم ليحمّل اللبنانيين في الداخل والخارج وِزر هذا الانهيار.

والأخطر أن مَن يرفع شعار "العدالة في الخارج" يتجاهل تماماً أن الداخل نفسه يفتقد إلى العدالة. فهل يتمكّن خصوم هذا الفريق من تنظيم حملاتهم الانتخابية بحرية كاملة في مناطقه؟ أم أن معيار العدالة يُستخدم فقط كذريعة لحرمان المغتربين من حقوقهم الدستورية بينما يُغضّ النظر عن القمع والترهيب في الداخل؟

الخلاصة أن المشكلة ليست في الدولة اللبنانية، بل في القوى التي كبّلتها وحوّلت مؤسساتها إلى رهينة، وتحديداً "الحزب" الذي يتباهى في مجالسه العامة وأمام جمهوره بأنّ "السلاح زينة الرجال" في إشارة الى تمسكه بسلاحه الذي بات لزوم ما لا يلزم لأنه فقد "دوره في التصدي للعدوان" على ما يزعم حاملوه ولأنه على العكس من ذلك فقد جرَّ هذا السلاح الويلات على جمهور "الحزب" أولاً وعلى كل اللبنانيين.

التمسك بحرمان المغتربين من حقهم لن يحّل الأزمة، بل سوف يعمّقها، فاللبنانيون في الداخل والخارج يريدون دولة تحترم دستورها وتستعيد استقلال قرارها، لا دولة مرتهنة لفريق يضع مصلحته فوق مصلحة الوطن ويخوّن مَن يطالب ببسط سلطة الدولة على كامل أراضيها لا لشيء سوى كرمى للرابط الديني والإيديولوجي الذي يجمع "الحزب" وقادته بمرجعيتهم الإيرانية، وهو أمرٌ بحد ذاته ارتهان فاضح للخارج بكل المعايير يؤديه "الحزب" على طريقة المثل اللبناني القائل " بتشيل من عندك وبتحط عندي".

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: