أقرّت الحكومة اللبنانية في جلستها الأخيرة حزمة تعديلات جوهرية على قانون الانتخاب، وأحالتها إلى مجلس النواب لمناقشتها وإقرارها، في خطوة وصفت بأنها إعادة رسم لقواعد اللعبة الانتخابية المقبلة، ومحاولة لتحديث بعض البنود الإشكالية التي أثارت جدلاً واسعاً في الأشهر الماضية.
فالتعديلات التي قد تبدو تقنية في ظاهرها، تحمل في مضمونها أبعاداً تنظيمية عميقة، إذ لم تقتصر على مسألة اقتراع المغتربين، بل شملت بنوداً تمس مباشرة آلية الاقتراع ومشاركة اللبنانيين في الداخل والخارج.
ومن المهم التركيز على أن أبرز ما جاء في التعديلات هو تعليق العمل بالمقاعد الستة المخصصة للمغتربين، بحيث يصوّت اللبنانيون المنتشرون ضمن دوائرهم الأصلية أسوة بالمقيمين، وينظر إليه كخطوة تسعى لتوحيد الصوت الانتخابي وإزالة أي تمييز بين الناخبين داخل لبنان وخارجه.
كما نصت التعديلات على تمديد مهلة تسجيل المغتربين حتى نهاية العام الحالي، في إشارة إلى رغبة الحكومة في توسيع قاعدة المشاركة، ومنح المغتربين وقتاً إضافياً لاستكمال إجراءات التسجيل، خصوصاً في ظل ارتفاع أعداد اللبنانيين في الانتشار الراغبين بالتصويت.
أما أبرز البنود المستحدثة، فكان إقرار نظام "الميغاسنتر" بشكل جزئي، عبر آلية التسجيل المسبق باستخدام رمز QR Code، ما يتيح للناخبين التصويت في مراكز أقرب إلى أماكن سكنهم بدل الاضطرار للعودة إلى مناطق قيدهم الأصلي. هذا الإجراء يتوقع أن يخفّف الضغط اللوجستي يوم الاقتراع، ويقلل نسب العزوف الناتجة عن بُعد مراكز التصويت.
ورغم طابعها الإداري، تحمل التعديلات رسائل واضحة، سواء في ما يتعلق بدور الاغتراب اللبناني في رسم المشهد الانتخابي، أو في ما يعكسه "الميغاسنتر" من محاولة لتقليص التأثير الحزبي على خيارات الناخبين لصعوبة التنقل بين مناطقهم.
وبين من يرى في هذه التعديلات خطوة إصلاحية ضرورية، ومن يعتبرها تعديلاً شكلياً لا يمس جوهر الأزمة الانتخابية في لبنان، يبقى المؤكد أن الحكومة أدخلت المشهد الانتخابي مرحلة جديدة من النقاشات الحامية.