لا ليس تاريخ 12 كانون الاول من كل عام هو الذي يعيدنا الى إستذكار شهيد القلم الحر والجرأة الاستثنائية جبران تويني، بل كل ما نعيشه اليوم ومنذ عقود من حروب واحتلالات متواصلة وهيمنة دويلة على الدولة بعضلات خارجية، وانقسامات وخلافات وتناحرات داخلية لا تنتهي. لكن ووسط كل هذه الويلات ثمة مَن يهدينا ويعيدنا الى الامل المرتقب والصوت الهادر المدافع عن سيادة وحرية لبنان والى النضال المستمر، وهنا نستعيد مواقف وكلمات جبران تويني المدوّية التي خطّها في مقالاته، فكانت متراساً بوجه كل الساعين الى إخضاع لبنان والسيطرة عليه.
في الذكرى العشرين لإستشهاده نضيء الشعلة من جديد، لنؤكد بأنّ الثورة مستمرة حتى تحقيق الهدف، وقسم الشهيد باق الى الأزل من أجل لبنان العظيم، لذا لن يقتلوا احلامنا بل ستبقى ثائرة بالامل وصولاً الى بزوغ الفجر، لانّ الظلمة الحالكة لا بدّ ان تغيب يوماً وتسطع الانوار.
اليوم نكتب مشاعرنا على الورق ونستفيض لانّ كلماته تلهمنا... مرّت عشرون سنة على الغياب الصعب لكن الحضور في الاذهان كان أقوى وسيبقى، لأنّ الابطال لا يموتون بل يبقون شامخين بصوتهم المدوّي في الساحات، والاحرار لا يُكسر قلمهم بل يستمر ساطعاً يخط بحبره كل الشعارات الوطنية.
جبران تويني كان قدوة للجيل الصاعد وما زال، يسترجعون كلماته الثورية التي شاركهم بها فأعطى فسحة للأقلام الشبابية، كي تطلق أراءها الجريئة الى أبعد الحدود، دعا الى قول الحقيقية الصعبة على خطى البشير، لذا لم يغب صوته الباقي دائماً في الضمائر والقلوب.
حلم الشهيد كان بناء دولة قوية سيادية حرّة، لذا سار على خطى الشهادة ككل مقاوم ومناضل من اجل لبنان، انه قدر الاحرار ان يكونوا دائماً قرابين على مذبح الوطن حين يناضلون من أجله، بإغتياله أرادوا إسكات الصوت الحرّ والجريء، فإستطاعوا تغييب القلم لكنهم لم يكسروا العزيمة، و لن ينالوا من القضية المحقة التي ستبقى شعلتها مضاءة حتى يتحقق ما يبغي اليه كل لبناني وطني.
من هنا نؤكد بأنّ ثورة جبران لن تنطفئ ولذا نستعين بما قاله: "ثوري أيتها الأكثرية الصامتة لئلا يُكتب عنّا وعن وطننا على لوحة من الرخام: هنا انتصرت جمهورية القتل على جمهورية الفكر والحرية… هنا كان لبنان".