في توقيت بالغ الحساسية دستورياً وسياسياً، دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى عقد جلسة عامة يوم الخميس المقبل، مخصصة لمتابعة درس مشاريع واقتراحات القوانين، غير أن هذه الدعوة، التي يفترض أن تدرج في خانة الانتظام التشريعي، تعيد إلى الواجهة إشكالية مزمنة تتجاوز الشكل إلى جوهر العمل البرلماني، وتتمثل في انتقائية إدارة جدول الأعمال، وما يرافقها من تهميش متعمد لقوانين مفصلية تمس جوهر العقد الدستوري بين الدولة ومواطنيها.
فبحسب معطيات متقاطعة، يواصل رئيس المجلس نهجاً يقوم على إدراج القوانين وفق مقاربة انتقائية تخضع لميزان سياسي خاص، مقابل إغفال بنود لا تقل أهمية، وفي مقدمها ملف اقتراع المغتربين، سواء لجهة إدراجه كبند مستقل على جدول الأعمال، أو عبر تجاهل مشروع القانون المعجل المكرر المحال من الحكومة، في سابقة تثير تساؤلات عميقة حول احترام الأصول الدستورية والأعراف البرلمانية الراسخة.
وتشير معلومات موقع LebTalks إلى أنه، حتى الساعة، لا توجه فعلياً لدى رئيس المجلس لإدراج أي بند يتصل بحق المغتربين في التصويت ضمن الجلسة المرتقبة، الأمر الذي يفهم في سياق تعطيل سياسي فاضح لحق دستوري لا يقبل التأويل أو التجزئة.
في المقابل، تكشف مصادر القوات اللبنانية لموقعنا أن مشاورات مكثفة تجري على أعلى المستويات بين الكتل النيابية وعدد من النواب المستقلين، بهدف بلورة موقف موحد من المشاركة في الجلسة المقبلة.
وتؤكد المصادر أن هذه الاتصالات ليست مفتوحة على مصراعيها، بل محصورة بالنواب الذين يضعون الدستور فوق الحسابات، ويتمسكون بتطبيقه نصاً وروحاً، ويرون في احترام القوانين المرعية الإجراء المدخل الوحيد لإعادة الاعتبار إلى فكرة الدولة ومؤسساتها.
وبحسب المصادر نفسها، فإن المسار الذي يعتمد في إعداد جدول الأعمال يعد انتهاكاً فاضحاً للأصول التشريعية، لا سيما في ما يتصل بإغفال المشروع المعجل المكرر المحال من الحكومة، والذي يفترض عرفاً وقانوناً أن يدرج كبند أول على جدول أعمال الهيئة العامة.
وتضيف أن القفز فوق هذا الاستحقاق، ولا سيما في ما يخص تمكين المغتربين من الاقتراع في دوائرهم الأصلية، لا يمكن تفسيره إلا كخيار سياسي مقصود، يهدف إلى تعطيل مسار دستوري واضح المعالم.
وعليه، تشدد المصادر على أن عدم إدراج المشروع المعجل المكرر سيجعل موقف المعارضة من الجلسة محسوماً وواضحاً، في إشارة لا لبس فيها إلى احتمال مقاطعة الجلسة أو اتخاذ خطوات تصعيدية متدرجة، التزاماً بالدستور، ورفضاً لتحويل السلطة التشريعية إلى منصة لإدارة الوقت السياسي لا لإنتاج القوانين.
في المحصلة، يفرض السؤال نفسه بإلحاح: هل ما زال المجلس النيابي يمارس دوره الدستوري كسلطة تشريعية فاعلة، أم أنه انزلق إلى موقع أداة تعطيل، تدار من خلالها عملية تجميد الحقوق، وفي طليعتها حقوق اللبنانيين