تحت عنوان يحمل أكثر من دلالة، يقف ملف دعم الجيش اللبناني عند مفترق إقليمي شديد الحساسية، حيث لا تبدو المواعيد المعلنة بمنأى عن تقلبات السياسة الدولية ولا عن اشتراطات الميدان.
بالتالي، الاتفاق الذي أعلن عنه بين الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة العربية السعودية، والقاضي بتنظيم مؤتمر دولي لدعم الجيش اللبناني في شباط 2026، لا يمكن فصله عن سياق أوسع يتجاوز الإطار المالي أو التقني، ليطال جوهر المعادلة السيادية والأمنية في لبنان.
فبحسب المعطيات التي تبلورت عقب اجتماعات باريس، والتي شارك فيها مسؤولون لبنانيون وأميركيون وسعوديون وفرنسيون، فإن قرار لبنان الشروع في توثيق جدي للتقدم المحرز في مسار نزع سلاح "حزب الله" لم يكن تفصيلاً عادياً، بل هو رسالة سياسية مباشرة مفادها أن الدعم الدولي لم يعد يمنح على بياض، وأن أي استثمار خارجي في المؤسسة العسكرية بات مشروطاً بمدى قدرتها على بسط سلطة الدولة وحصرية السلاح.
في هذا السياق، يلفت رئيس جهاز التواصل والإعلام في حزب "القوات اللبنانية" شارل جبور، في حديث خاص لموقع LebTalks، إلى أن الرهان على شهر شباط بحد ذاته لا يزال مبكراً، إذ لا يمكن الجزم من الآن بما إذا كان هذا الموعد سيثبت أو سيرحل، ولا بماهية المخرجات التي قد تترتب عليه، لأنه مجرد تحديد موعد مؤجل للدعم، بدلاً من دعم فوري، يعكس بوضوح وجود انتظار سياسي مقصود لما ستؤول إليه التطورات الإقليمية والدولية.
ويشير جبور إلى أن هذا الانتظار يرتبط مباشرة بعدة مستويات متداخلة:
أولاً، المسار المحتمل للقاء المرتقب بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو.
وثانياً، اتجاهات شهر كانون الثاني الذي قد يفتح على احتمالات تصعيد أو تهدئة.
وثالثاً، الخطوات الميدانية التي يفترض أن يشهدها جنوب الليطاني وشماله، لجهة حسم ملف سلاح ميليشيا الحزب وانتقال الدولة من مرحلة التعهدات إلى مرحلة التنفيذ.
من هنا، يتجلى بوضوح الترابط الوثيق بين دعم الجيش ونجاحه في نزع سلاح الميليشيات وبسط سلطة الدولة، ما يجعل أي تأخير أو التفاف على هذا المسار بمثابة تعليق للدعم، خاضع للتقلبات والتجاذبات، وربما مؤجل إلى أجل غير محدد.
ويختم جبور بالتشديد على أن الأنظار ستبقى شاخصة إلى نتائج قمة ترامب - نتنياهو، باعتبارها محطة مفصلية قد تحدد مسار المنطقة بأكملها، وليس لبنان فقط، كَوْن مصير مؤتمر دعم الجيش والاستقرار اللبناني مرتبطان بسلسلة قرارات إقليمية ودولية تتجاوز الداخل، وتضع الدولة اللبنانية أمام اختبار حاسم لتثبيت خيار السيادة الكاملة، بعيداً عن دائرة الانتظار المفتوح.