دعوة إبراهيم الخليل.. بين التشريف والتكليف

d

كتب الشيخ بلال محمد الملا:

عندما فرغ أبو الأنبياء إبراهيم الخليل وولده إسماعيل عليهما الصلاة والسلام من رفع قواعد البيت العتيق في مكة المكرمة، رفعا أيديهما بالدعاء شكراً لله تعالى، قائلين: {ربنا تقبل منا ۖ إنك أنت السميع العليم * ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمةً مسلمةً لك وأرنا مناسكنا وتب علينا ۖ إنك أنت التواب الرحيم * ربنا وابعث فيهم رسولًا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم ۚ إنك أنت العزيز الحكيم } (سورة البقرة: الآيات 127-129).

استجاب الله تعالى بفضله لدعوة من إبراهيم وإسماعيل المباركة ببعثة محمد عليه أفضل الصلاة وأتم السلام، كما جاء في قوله تعالى: {هو الذي بعث في الأميين رسولًا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلالٍ مبينٍ}. (سورة الجمعة:2).

 إذن، نحن من بركة استجابة الله تعالى لدعوة إبراهيم عليه السلام، وفي هذا، قال نبينا صلى الله عليه وسلم، عندما سأله أصحابه: "يا رسول الله أخبرنا عن نفسك، فقال: نعم، أنا دعوة أبي إبراهيم، وبشرى عيسى". (البيهقي- 1709).

نفهم من ذلك، أن الدين الإسلامي هو امتداد الأرض إلى السماء عبر الوحي الذي نزل به جبريل عليه السلام من لدن الله العليم الحكيم على الأنبياء والرسل، وهو اختيار الله جل وعلا للناس أجمعين، لقوله تعالى { إن الدين عند الله الإسلام ۗ}(آل عمران:19)، وبه أكتمل لأمة محمد برسالة محمد عليه الصلاة والسلام، لقوله تعالى: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينًا} (المائدة:3)، فهذا النسب الشريف، وهذه السلسلة النورانية المباركة، هي معيار التشريف في الخيريى التي قال عنها ربنا جل جلاله، {كنتم خير أمةٍ أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله}، (آل عمران: 110فمن رضي بما ارتضاه الله تعالى له، دخل في مضمون هذه الخيرية المباركة، لكن بقدر ما في هذه الخيرية من تشريف، يقابلها تكليف بالمحافظة على هذه الشرف العظيم، ومناط التكليف الاقتداء بالقدوة الحسنة التي وجه الله تعالى بها المؤمنين بقوله: {لقد كان لكم في رسول الله أسوةٌ حسنةٌ لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرًا} (الأحزاب: 21)، وبقوله

فبقدر ما يلتزم المسلم بالتكليف بالتزام الخطاب والتبليغ، والحفاظ على هذه النعمة الكبرى، يبلغ مراتب التشريف بالانتماء إلى الخيرية التي شرف الله بها هذه الأمة.

ولذلك، وبكل بساطة، إن التزام التكليف، هو نفسه عين التشريف، وإن أفضل ما يمكن أن نقدمه في مناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف، هو ما نقدمه لأنفسنا.. نعم لأنفسنا، فإذا أردنا أن نشكر الله تعالى، فلنقتد بالرسول الأكرم، وإذا أردنا أن نشكر هذا النبي الأعظم، فلنعمل بسنته، هذه هي الحقيقة كما جاء بها القرآن الكريم في قوله تعالى:{ وما تقدموا لأنفسكم من خيرٍ تجدوه عند الله هو خيرًا وأعظم أجرًا ۚ} (المزمل: 20) .

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: