دور روسيا الأميركي في سوريا

WhatsApp Image 2025-10-19 at 15.35.16_cdffe299

يخطئ من يظنّ أن الدور الروسي في سوريا انتهى بانتهاء نظام بشار الأسد، كما يخطئ من يظنّ أنّ واشنطن، والرئيس الأميركي دونالد ترامب شخصياً، غير موافقَين على دور روسي في سوريا.

نقول هذا الكلام انطلاقاً من قراءتنا الجيوسياسية للوضع السوري.

فالرئيس أحمد الشرع، الذي تكرّست ولايته الرئاسية والسياسية والاستراتيجية رسميّاً منذ لحظة جلوسه في الرياض مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، هو نفسه الذي، ومن ضمن خطة ورضى واشنطن والرئيس دونالد ترامب، توجّه إلى روسيا للقاء الرئيس فلاديمير بوتين في استقبال ومراسم رسمية لافتة. وما نجم عن تلك الزيارة كان أهمّ وأبعد من مجرّد اللقاء وطلب تسليم الأسد لمحاكمته في سوريا.

وبحسب المعلومات والمعطيات المتقاطعة، فإنّ هذه الزيارة إلى موسكو جاءت ضمن سيناريو مفاده إبقاء الوجود الروسي في سوريا وتفعيل دوره بالتنسيق مع الأميركيين، تحقيقاً لأهداف عدّة ليس أقلّها عدم السماح للأتراك بالاستئثار بالورقة السورية، حفاظاً على مصالح الأميركيين أولاً، والعرب والخليجيين ثانياً في سوريا، رغم كلّ العلاقات التحالفية بين أنقرة وواشنطن، ورغم العلاقات المميّزة بين الخليج وتركيا، والرئيس رجب طيب أردوغان تحديداً.

فواشنطن تريد توازناً تركيّاً ـ روسيّاً داخل سوريا، رغم العلاقات القوية بين واشنطن وأنقرة، وفي الوقت نفسه تريد واشنطن من موسكو أن تلعب الدور النديّ مع الأتراك في سوريا، والدور الفاصل بين سوريا وإسرائيل التي لموسكو علاقات هامة معها.

لروسيا إذن دور أميركي هام مغطّى من واشنطن لخدمة مصالح الولايات المتحدة الأميركية؛ فواشنطن تريد توازناً في سوريا بين تركيا والعرب وإسرائيل، والذي يضمن هذا التوازن هم الروس، لضبط التوازنات الدقيقة على قدم المساواة في التأثير داخل سوريا، سواء في الساحل أو في الجنوب السوري أو في قلب دمشق.

من هنا نفهم أهمية الزيارة الأخيرة للرئيس الشرع إلى روسيا وأهدافها غير المعلنة، إذ ثمّة ترتيبات جيوستراتيجية كبيرة في سوريا تجري، وسيكون لها تأثيرات وتداعيات كبرى على المنطقة، بدءاً من ملفّ العلاقات الروسية ـ الإيرانية التي ستشهد تغيّرات جذرية، وقد بدأت ملامحها الاقتصادية والسياسية تتبلور باتجاه اهتمام روسيا بمصالحها مع الأميركيين والخليجيين أكثر من اهتمامها بمصالحها مع الإيرانيين.

الرئيس دونالد ترامب لا يرى في روسيا تهديداً له، بل في الصين، فالأمن القومي الأميركي مهدّد من الصين لا من روسيا، ومن هنا أهمية دعم ترامب للورقة الروسية في سوريا لمنع دخول التأثير الصيني.

فالشرق الأوسط يريده الرئيس ترامب أميركياً، وقد وافق ترامب على منح تركيا ٣٥ ألفاً لتنفيذ مخطّطه السوري والشرق أوسطي، وتحييد الدور التركي الفائض في سوريا، وفي الوقت نفسه لتأسيس توازن تركي روسي مستقبلي يمنع الروس من تعاظم دورهم في سوريا، ومن خلالها في المنطقة، من خلال التوازن، لا بل التفوّق التركي العسكري على الروسي مستقبلاً.

الدور الروسي المتجدّد إذن في سوريا هو دور أميركي بامتياز، خاضع لحسابات دقيقة وتوازنات حالية ومستقبلية، عرف الرئيس أحمد الشرع كيف يتماشى معها، ويمهّد لها، وينفّذ الشقّ السوري منها.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: