في أمسيةٍ غلبت عليها مشاعر الحنين والامتنان، التأم الأحبّة والأصدقاء في فندق "لانكاستر إيدن باي" لإحياء ذكرى الإعلامية الراحلة يمنى شرّي، في حفلٍ حمل عنوان "دين ووفاء"، عنوانٌ اختصر مسيرة امرأةٍ آمنت بالحقّ، وخدمت الكلمة بضميرٍ وصدقٍ حتى آخر لحظة من حياتها.
لم يكن اللقاء مجرّد تأبينٍ لإعلاميةٍ رحلت، بل وفاءً لروحٍ تركت بصمة في وجدان كلّ من عرفها، وشهادةَ حبٍّ لإرثٍ إعلاميٍّ وإنسانيٍّ لا يُمحى.
في هذا السياق، قال الإعلامي والممثل جوزاف حويّك في حديثٍ خاص عبر Lebtalks: "في الأيام الأولى بعد رحيل يمنى، لم نتمكّن من حبس دموعنا، فالحزن كان عميقًا والفقد موجعًا. بكينا كثيرًا، لكننا اليوم، كما وعدناكِ، سنحافظ على ذكراكِ بالابتسامة، تمامًا كما علمتِنا. فقد علمتِنا معنى الفرح والإيجابية، وملأتِ حياتنا باللحظات المضيئة التي ستبقى راسخة في الذاكرة".
أضاف حويّك بنبرةٍ يغمرها الأسى والحنين: "يمنى لن تُنسى، فبصمتها حاضرة في كلّ ما قدّمته، وفي كلّ محطةٍ من محطات حياتها المهنية والإنسانية. كانت إنسانةً فريدة لا تتكرّر، والحزن على رحيلها كبير، لكنه حزننا نحن، أصدقاؤها الذين سيُكملون المسيرة من بعدها، على أمل اللقاء القريب، بإرادة الله، في دار الخلود".
أما الممثلة اللبنانية ورد الخال، فرأت أنّ اللقاء يحمل طابعًا إنسانيًا مؤثرًا، فقالت: "نحن اليوم اجتمعنا لنتحدث عن يمنى بصدق مشاعرنا وعمق إحساسنا، بعدما حالت الغربة دون لقائنا بها. وقد كانت مبادرة كريمة من زملائها وأصدقائها أن نجتمع اليوم استذكارًا لها، بعدما لم تتح لنا الفرصة سابقًا لأداء واجب الوداع كما يليق بها. واليوم، أقل ما يمكننا فعله هو أن نلتقي وفاءً لها، ليُمنى التي منحتنا المحبة وأحبتنا بصدق".
أضافت الخال: "يُمنى كانت إعلامية تركت بصمةً عميقة في قلوب محبّيها وفي الوسط الإعلامي، وغيابها شكّل خسارة كبيرة للمهنة ولمن عرفها عن قرب. إنها إنسانة لا تُنسى، وستبقى ذكراها حاضرةً في وجداننا دائمًا".
وأشار الإعلامي ميشال قزي إلى أنّ عائلة يمنى الصغيرة وعائلتها الكبيرة في الوسط الإعلامي اللبناني والعربي فقدوا برحيلها صديقةً وزميلةً كانت مثالًا في المهنية والالتزام الإنساني، فقال: "لقد خسرنا يمنى الإنسانة قبل أن نخسر يمنى الإعلامية. عشنا معها سنوات طويلة من الزمالة والصداقة تخطّت الثلاثين عامًا، جمعَتنا لحظات فرحٍ ونجاحٍ وتحدياتٍ كثيرة، وبقيت دائمًا قريبةً من القلب بحضورها الراقي وابتسامتها الدافئة".
"لقد خسرنا يمنى الإنسانة قبل أن نخسر يمنى الإعلامية. عشنا معها سنوات طويلة من الزمالة والصداقة تخطّت الثلاثين عامًا، جمعَتنا لحظات فرحٍ ونجاحٍ وتحدياتٍ كثيرة، وبقيت دائمًا قريبةً من القلب بحضورها الراقي وابتسامتها الدافئة."
أضاف قزي: "من الصعب أن نختصر علاقة امتدت لعقود في بضع كلمات، فالذكريات مع يمنى لا تُنسى. أستعيد اليوم البدايات حين كنّا معًا في الخيمة الرمضانية على تلفزيون المستقبل مع انطلاقته الأولى، حيث قدّمنا فقراتٍ وحفلاتٍ امتزج فيها الشغف بالعمل بروح التعاون والفرح. كانت يمنى مثقفةً، لطيفةً، تحترم ضيوفها، وتقدّر الكلمة والصورة، وتترك أثرًا طيبًا في كلّ من يلتقيها".
وفي حديثٍ خاص لموقع Lebtalks، عبّرت الإعلامية كارين سلامة عن حزنها العميق قائلةً: "لا زلت حتى اليوم غير قادرة على استيعاب رحيل يمنى شرّي، فغيابها شكّل خسارة كبيرة على الصعيدين المهني والإنساني. علاقتي بيمنى كانت عميقة وصادقة، وسافرنا معًا أكثر من مرة. أتذكر جيدًا رحلتنا إلى هلا فبراير، كم شعرنا يومها بسعادة كبيرة. لكن اليوم، عندما أفكّر بخسارتنا، أسأل نفسي: من يفهم فعلًا ماذا خسرنا؟ لأننا نعيش في زمن لم يعد أحد يقدّر أحدًا، لا في لبنان ولا في العالم. لم يعد الناس يجلسون على خاطر بعضهم، ولا يمنحون القيمة الحقيقية للأشخاص الذين يستحقونها".
وتابعت سلامة بأسفٍ واضح: "الذين كانوا ضمن الدائرة القريبة من يمنى هم وحدهم يعرفون قيمتها الحقيقية. لقد خسرنا إنسانةً شغوفةً بعملها، محبةً للحياة، لم تكن تلتفت إلا للإبداع والتميّز. كانت متقدّمة على زمنها، سبّاقة في أفكارها وأسلوبها، وكسرت الكثير من الحواجز المهنية والجمالية في الإعلام اللبناني".
من جهتها، أشادت الإعلامية ريما كركي في حديثها للموقع بأنّ "الراحلة يمنى شرّي كانت من الشخصيات الإعلامية التي تمتلك طاقةً كبيرة وقدرةً استثنائية على العطاء، مشيرةً إلى أنّها كانت تجتهد بإخلاص وتضع كل ما تملك من شغفٍ وحبٍّ في عملها".
وقالت كركي: "يُمنى كانت تعشق مهنتها إلى حدٍّ كبير، وكانت تعتبر الإعلام رسالتها الأولى والأخيرة. كانت تبذل جهدًا هائلًا لتقدّم الأفضل دائمًا، وتتعامل مع عملها بصدقٍ ومسؤوليةٍ عالية".
أضافت: "ربما لم يُنصفها الإعلام كما تستحق، ففي أماكن معينة حظيت بالتقدير، وفي أماكن أخرى لم تُمنح الفرصة الكافية لإبراز أفكارها المميّزة وإمكاناتهاأضافت: "ربما لم يُنصفها الإعلام كما تستحق، ففي أماكن معينة حظيت بالتقدير، وفي أماكن أخرى لم تُمنح الفرصة الكافية لإبراز أفكارها المميّزة وإمكاناتها الكبيرة، خصوصًا في السنوات الأخيرة التي شهدت صعوباتٍ على مستوى البلد والقطاع الإعلامي. ومع ذلك، بقيت مخلصةً لمهنتها حتى اللحظة الأخيرة".
وهكذا، لم يكن حفل "دين ووفاء" مجرّد مناسبةٍ تأبينيّة، بل لقاءً صادقًا مع ذاكرةٍ حيّة لا تموت.
فيمنى شرّي لم تكن فقط إعلاميّةً تنقل الخبر، بل إنسانةً حملت رسالتها بجرأةٍ وإيمان، وجعلت من مهنتها منبرًا للحقيقة والكرامة.
غاب الجسد، لكن الصوت باقٍ، والرسالة مستمرة، والوفاء لها دينٌ في أعناق من أحبّوها وآمنوا بما آمنت به: أنّ الإعلام وجدانٌ ومسؤولية، لا مهنةً عابرة.