رودي بارودي يشيد بالاتفاق "التاريخي" بين لبنان وقبرص.. ويرفض "الادعاءات الباطلة" من الدول المجاورة

WhatsApp Image 2025-12-05 at 14.30.12_f5faaf8b

في أعقاب الانتقادات التي وجّهتها حكومتا إسرائيل وتركيا إلى اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وقبرص (MBA)، أجرت LebTalks مقابلة مع خبير الطاقة والسياسات رودي بارودي، صاحب عدة كتب ودراسات حول الحدود البحرية في شرق المتوسط. وقد أشاد بارودي بالاتفاق باعتباره "مليئًا بالإيجابيات" لمصلحة الطرفين، مؤكدًا كلمات الرئيس اللبناني جوزاف عون، الذي شدّد بعد توقيع الاتفاق على أنّ "هذا الاتفاق لا يستهدف أحدًا ولا يستثني أحدًا".

ما مدى أهمية توقيع اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وقبرص؟

في هذا السياق، يوضح بارودي لـLebTalks أن التوقيع الرسمي على اتفاق لبنان-قبرص إنجاز كبير، يمنح الطرفين مزايا مهمة. لقد تأخر هذا المسار لفترة طويلة جدًا بلا سبب وجيه، لذلك يستحق الرئيس جوزيف عون والحكومة التهنئة على أخذ المبادرة وإنجاز العمل حتى النهاية. وكذلك يستحق الرئيس القبرصي نيكوس كريستودوليدس وفريقه التهنئة لأنهم قاموا بالشيء نفسه. ما جعل هذا الاتفاق التاريخي ممكنًا – بعد جمود دام ما يقارب عقدين – هو أنّ لبنان أصبح لديه أخيرًا رئيس يفهم الحاجة إلى اتفاق MBA ويجعله أولوية قصوى.

ماذا يكسب لبنان من توقيع هذا الاتفاق؟

يقول بارودي: "الاتفاق الذي توصّلت إليه فرق التفاوض في أيلول يوفر العديد من الفوائد للبلدين على المدى القصير والمتوسط والطويل.

خط التساوي الجديد بين الدولتين، المعرّف وفقًا لقواعد وإرشادات اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار (UNCLOS)، يوفّر حدودًا عادلة وموحّدة إلى حد كبير بين المناطق البحرية للبلدين الشقيقين. وقد تحرّكت معظم نقاط التحويل الجديدة المستخدَمة لرسم الخط لمصلحة لبنان مقارنة بالمفاوضات السابقة عام 2011، مانحةً إياه 10,200 متر إضافية على واجهته الغربية، فيما حصلت قبرص على 2,760 مترًا.

وبشكل حاسم، يمحو الـMBA  كل الادعاءات المتداخلة الناتجة عن عدم اليقين السابق بشأن الموقع الدقيق للحدود. وبهذا، يلغي 108 كيلومترات مربعة من (الخريطة مرفقة) الرقع البحرية اللبنانية التي كانت في الواقع ضمن المياه القبرصية، بالإضافة إلى 14 كيلومترًا مربعًا من الرقع القبرصية التي كانت أيضًا في الجانب الخاطئ من الخط.

وبصرف النظر عن إزالة خطر رئيسي يواجه المستثمرين المحتملين، يساهم الاتفاق أيضًا في الاستقرار والأمن من خلال توفير الوضوح وتمكين التعاون بشكل أسهل — ليس فقط بين البلدين، بل أيضًا، وربما، مع دول أخرى. إنه مليء حقًا بالإيجابيات للبنان وقبرص، وبالتالي للمنطقة ككل.

ماذا يجب على لبنان فعله لمتابعة هذا الاتفاق؟

ويتابع بارودي: لتحقيق أقصى استفادة من هذا المشهد الأكثر وضوحًا، فإن الخطوة المنطقية التالية هي أن يبدأ لبنان وقبرص فورًا في صياغة اتفاق تطوير مشترك، يسمح لهما بإعداد شراكة سلسة لأي احتياطات هيدروكربونية يُعثر عليها على خط حدودهما البحرية.

ربما أهم ما يميز اتفاق MBA بين لبنان وقبرص هو أنه يوفّر نقطة بداية واضحة وثابتة، ما يضع لبنان في موقع مثالي لاستكمال تحديد مناطقه البحرية. فبموجب الخط الجديد، يجب تعديل ترتيبات لبنان القائمة للحدود البحرية مع إسرائيل، الموقعة عام 2022، قليلًا، ولكنه يجعل ذلك أسهل — كما يسهل التفاوض على اتفاق مماثل شمالًا مع سوريا عندما تصبح قيادة ذلك البلد الجديدة جاهزة للقيام بذلك.

ماذا عن الاعتراضات التي أبدتها إسرائيل وتركيا؟

يكمل بارودي: مع كامل الاحترام، هذه الادعاءات والشكوى لا أساس لها على الإطلاق. وكما أكّد الرئيس عون منذ يوم التوقيع، فإن هذا الاتفاق لا يستهدف أحدًا، ولا يستثني أحدًا، ولا يتحدى حدود أي طرف آخر، ولا يقوّض مصالح أحد. أعلم أن هناك بعض التعليقات السلبية من كل من إسرائيل وتركيا، لكن لا يوجد فعليًا ما يثير انزعاج أي طرف. فالخط الذي اتفق عليه لبنان وقبرص — والذي تدّعي تركيا أنه “غير عادل” لسكان "جمهورية شمال قبرص التركية" المعلنة من جانب واحد — يقع فعليًا على بعد عدة كيلومترات من أي مياه تدّعيها هذه الجمهورية. وقد حرصت بيروت ونيقوسيا على ذلك بدقة.

أما بالنسبة للإسرائيليين، فإن التغيير المادي الوحيد المتعلق بخط لبنان-قبرص هو أنه يدفع خط إسرائيل-قبرص لصالح قبرص. لكن هذا ليس خطأ لبنان. ولا خطأ قبرص أو أي طرف آخر. إنها ببساطة نتيجة تقنيات رسم الخرائط الحديثة، التي أصبحت اليوم أكثر دقة من تلك المستخدمة عندما رُسم خط إسرائيل-قبرص في معاهدة عام 2011.

وفي هذا السياق، أود أيضًا أن أشير لجميع الأطراف في شرق المتوسط إلى أنه رغم أن لبنان وقبرص هما العضوان الوحيدان الكاملان في UNCLOS في المنطقة، إلا أن جميع الدول تخضع لقواعدها وسوابقها، التي أصبحت جزءًا من القانون الدولي العرفي. وبما أن اتفاق لبنان-قبرص يلتزم التزامًا صارمًا بهذه القواعد والعلم الكامن خلفها، فإن الانتقادات لا تملك أي أساس قانوني. وهذا ينطبق بشكل خاص على إسرائيل، التي تم التفاوض على معاهدتها مع قبرص على أساس القوانين والقواعد والعلم ذاته.

وأعتقد أن الكثير من هذا مجرد استعراض سياسي، وأن كلًا من إسرائيل وتركيا ستتراجعان عن مواقفهما بعد أن تتاح لهما فرصة أكبر لتحليل الاتفاق ورؤية أنه، بدلًا من الإضرار بهما، قد يساعد جميع الأطراف من خلال تعزيز الاستقرار الإقليمي والنمو الاقتصادي. وأعيد هنا التذكير بكلمات الرئيس عون يوم التوقيع، حين أعلن أن “هذا الاتفاق يجب أن يكون أساسًا لتعاون إقليمي أوسع، يستبدل لغة العنف والحرب وطموحات الهيمنة بالاستقرار والازدهار".

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: