عوّدتنا الممانعة عند كل حادثة او عمل عنفي جرمي ارهابي منذ الستينيات وحتى يومنا هذا بقيادة ايران وحزبها في لبنان ان تصوّب بالإصبع والبيان والبنان الى العدو الاسرائيلي كمسؤول اول الى جانب المسؤول الثاني المتمثل بالاستعمار الغربي وعلى رأسه الشيطان الأكبر حتى قبل الكشف عن مسرح الجريمة المرتكبة او مكان الحادثة الواقعة.
وكثيرة هي الأمثلة والنماذج عن تكرار الممانعين لتلك اللازمة، اما ما هو ملفت ومثير للريبة فهو استبعاد الحزب نفسه لفرضية مسؤولية العدو الاسرائيلي في أحداث أخرى كبيرة او في إبعاد الحزب نفسه عن القيام بواجبه المقاوم الثاري التأديبي امام ارتكابات العدو المفترضة، وهنا يستوقفنا نفي الحزب مسؤوليته عن اطلاق الصاروخ على ملعب كرة القدم في هضبة الجولان المحتل في بلدة مجدل شمس وسقوط عشرات القتلى والجرحى من الطائفة الدرزية الاسرائيلية متهماً العدو الاسرائيلي بافتعال فتنة عبر الصاروخ محمّلا اياه المسؤولية.
في استبعاد فرضية مسؤولية العدو الاسرائيلي نقف عند جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط 2005 لنرى ان الممانعة روّجت وعملت على تبرئة اسرائيل من الاغتيال عبر تسويقها لروايات الاصوليين والقاعدة والحجاج وفرضها لنشر وبث اعتراف ابو عدس، وهنا نورد الوقائع التالية: منذ لحظة اغتيال الحريري قامت الممانعة بالتركيز اعلامياً وسياسياً على الفيديو الذي بثته قناة الجزيرة القطرية ويتبنّى فيه “أحمد أبو عدس” باسم جماعة “النصرة والجهاد في بلاد الشام” مسؤوليته عن اغتيال الحريري، مبرّراً عملية اغتياله بعلاقته مع حكام السعودية.
وهنا لا بد من الإشارة الى المعلومات التي تحدّثت عن ان المدير العام للأمن العام آنذاك اللواء جميل السيد اتصل بمحطات إعلامية وبإعلاميين نخصّ منهم الشهيدة الحيّة مي شدياق مصرّاً عليهم عرض الفيلم الذي يعلن فيه أبو عدس أنه الانتحاري الذي فجر نفسه بموكب الرئيس الحريري… ليتبيّن حسب ملفات المحكمة الدولية ان المتهم الخامس من “الحزب” حسن حبيب مرعي هو من تولّى تنسيق إعداد الإعلان المزعوم عن المسؤولية (شريط أحمد أبو عدس) كجزء من أعمال التحضير للاعتداء والسير قدماً فيه، كذلك نتوقف عند تصريح ايلي الفرزلي في 19 شباط 2005 الذي اعتبر عملية اغتيال الحريري “عملية استشهادية” وفي نفس اليوم اكد مدعي عام التمييز عدنان عضوم ان حجاجا اسلاميين اوستراليين مشتبه بهم في عملية الاغتيال… ولهم ارتباطات اصولية… وما اكده كذلك “مرشح الثنائي امل – الحزب” سليمان فرنجية في في 16 أيلول 2006: “أن الـ13 شخصًا المنتمين الى “القاعدة” والذين اعتقلوا في لبنان اعترفوا بأنهم اغتالوا الحريري في أول يوم لاعتقالهم”.
ويعود ويكرر في 14 تشرين الأول 2008 مضيفاً على مجموعة الـ13 “مجموعة الستة الذين غادروا الى أستراليا، الى لائحة المتهمين”.
الأكيد ان التهمة للعدو الاسرائيلي لم توجّه الا بعد وصول التحقيقات ودلائل داتا الاتصالات الى إثبات مسؤولية الحزب في اغتيال الحريري وذلك عبر قرائن لا ادلة قدمها نصرالله في 10 آب 2010 لرد التهم عن حزبه، علماً ان عرقلة التحقيق كانت على يد الحزب وجماعاته في السلطة اللبنانية وحلفائه لا على يد الاسرائيلي.
وكما في اغتيال الحريري كذلك في تفجير مرفأ بيروت في 4 آب 2020 لم توجّه اصابع اتهام الحزب الى الاسرائيلي علما ان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب كان قد قال: “الانفجار القوي الذي هز بيروت يبدو كأنه “اعتداء رهيب”، مضيفاً: “قابلتُ جنرالاتنا، ويبدو أنه لم يكن حادثاً صناعياً. يبدو، وفقاً لهم، أنه كان اعتداء. كان قنبلة ما، نعم”.
على الرغم من ذلك قام الحزب بعرقلة تحقيقات المرفأ عبر الضغط بالقوة والحديد والنار والدم على القضاء وعلى المطالبين بالعدالة في قضية المرفأ.
نقف امام تصديق الفرضية التي طرحها “الحزب” متأخراً مستدركاً عن مسؤولية العدو الاسرائيلي في اغتيال الحريري لنسأله ماذا فعل “الحزب” لينتقم لمن اعتبره حليفاً للمقاومة وحامياً لها ومتفقاً معها على استراتيجتها ودورها واستمرارها؟
كما نقف امام فرضية مسؤولية الاسرائيلي في تفجير المرفأ في 4 آب 2020 التي استبعدها الحزب لكي لا يُسأل ولا يساءل عن سبب سكوته عن استهداف مرفق حيوي رسمي والتسبب بقتل مئات وجرح آلاف من المدنيين الأبرياء وتدمير ثلث العاصمة بيروت.
كذلك نقف امام تصديق فرضية مسؤولية الاسرائيلي عن المجزرة التي طالت “الدروز الأوفياء لهويتهم العربية” في مجدل شمس لنسأل لماذا لم يتوعّد العدو بمثل ما يتوعد في امور مماثلة ولماذا يصبح هو المهدَّد لا المهدِّد ويسكت على دماء من سقطوا من المدنيين الأبرياء؟.
وراء الأكمة ما وراءها…