سنّة بيروت ينتفضون على طرح صائب سلام: على المناصفة السلام

baladiyet beirut

يحاول بعض الاطراف تحويل الإنتخابات البلدية في مدينة بيروت إلى معركة طائفية. فبدل تنافس البرامج أو إقتراح خطط للإنماء بات الشغل الشاغل للبعض القضاء على المناصفة والعودة إلى لغة العدّ، وضرب روحية “اتفاق الطائف” الذي ينصّ على المناصفة بين المسيحيين والمسلمين وحتى ضرب كل مبادئ وقيم الرئيس الشهيد رفيق الحريري.

تتمثّل أهمية بيروت بأنها عاصمة لبنان، فإذا سقطت المناصفة في العاصمة فهذا يعني أن هناك فريقاً يحاول إستعمال منطق القوة والعدد ويضرب كل شعارات المناصفة والعيش المشترك.

وباتت معركة كسر المناصفة عام 2025 هي الاساس لدى البعض، فبدل التركيز على سلاح “حزب الله” ومحاولة إستعادة هيبة الدولة وبناء سلطة قوية تحتكر السلاح، أدخل البعض النقاش السياسي إلى زواريب بيروت بعد هيمنة على القرار البلدي منذ عشرات السنين.

لا يمكن إنكار أن عدد السنّة في بيروت يفوق أعداد بقية الطوائف، وهنا لن يكون الخطر على تمثيل المسيحيين فقط، بل سيطال التمثيل الدرزي والشيعي في العاصمة. وإذا كان البعض يفضّل اللعب على الوتر الطائفي، فهذا يعني دخول البلاد في أتون صراعات متجددة تبدأ بضرب المناصفة ولا يعرف أحد كيف تنتهي.

وحاول النائب غسان حاصباني بالتنسيق مع المطران الياس عودة في مراحل سابقة إيجاد حلول لموضوع المناصفة، وكان هناك إقتراحات عدّة أبرزها السماح لكل حي من الـ12 حياً التي تشكّل بيروت من انتخاب عضوين، وبالتالي تؤمن المناصفة وحسن التمثيل، لكن هذا الإقتراح سقط، وبعدها طُرحت فكرة تقسيم بيروت إلى بلديتين مثلما كانت على زمن المتصرفية، حيث كان هناك بلدية بيروت الشرقية وبلدية بيروت الغربية لكن أيضاً سقط هذا الإقتراح.

وبما انّ لعبة الارانب يمتهنها البعض، فقد خرج أرنب صلاحيات محافظ بيروت إلى العلن، وسادت نغمة سنية بأن رئيس البلدية لا يتمتع بصلاحيات كبيرة بينما تنحصر الصلاحيات في يدّ المحافظ. واستعمل هذا الأرنب من أجل التحريض الطائفي الإضافي.

والحقيقة مناقضة لكل هذه الرواية، إذ إن رواية بعض سنة بيروت تقول إن الرئيس الراحل صائب سلام حوّل صلاحيات رئيس بلدية بيروت السنّي إلى المحافظ المسيحي لكي لا يكون هناك شخصية سنية بيروتية تنافسه، ويريد هؤلاء إسترجاع صلاحيات رئيس البلدية.

ويفضح القانون كل تلك النظرية لأن حاكم بيروت الفعلي ليس المحافظ أو البلدية بل وزير الداخلية، فالوزير يمارس سلطة الوصاية والرقابة على المحافظ والبلدية حسب الفقرة 51 من قانون البلديات، ويحق له إيقاف أي اجراء تابع للمحافظ مثلما يحصل اليوم حيث يوقف مراقب الوزارة إجراءات وقرارات لا يراها مناسبة، وكذلك يوافق وزير الداخلية على أعمال المجلس البلدي ويطلع عليها قبل إنعقاد أي جلسة، وحسم أي خلاف بين البلدية والمحافظ يعود إلى وزير الداخلية، وخلافاً لكل البلدات والمدن اللبنانية لا يوجد شرطة بلدية في بيروت بل حراس بلدية يتبعون وزارة الداخلية، وبالتالي تنحصر صلاحيات المحافظ بالقرارات التي يوافق عليها وزير الداخلية.

وأمام كل هذه المعطيات، يبدو أن هناك من يلعب بنار الفتنة وشدّ العصب الطائفي في بيروت، فإذا كسرت المناصفة في العاصمة ستُعتبر كسرة للمسيحيين في كل لبنان، وهذا الامر لن يمرّ مرور الكرام أو يعتبر عملاً عابراً، بل سيدفع المكوّن المسيحي إلى تقديم طروحات لا تبدأ بالنظر بوضعية بلدية بيروت وربما لا تنتهي بالمطالبة باعادة النظر في وضعية النظام اللبناني ككل، فمن يبدأ بهزّ تركيبة العاصمة سينتقل لاحقاً إلى ضرب الصيغة اللبنانية ومعاملة المسيحيين كأهل ذمة.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: