لم يتفاجأ الكثير من اللبنانيين برؤية النائب السابق نجاح واكيم والذي توقّع في 16 نيسان 2025، في ذكرى الخمسين عاماً على شرارة الحرب الأهلية، "ان لبنان ذاهب نحو حرب أهلية"، إذ إن واكيم انطلق من ضفة الناصرية والعروبية اليسارية العلمانية والقضية الفلسطينية وهو نفسه عبر طريق الجماهيرية الليبية بقيادة الزعيم الأخضر معمر القذافي، كما سلك سبيل كوبونات النفط العراقي برئاسة زعيم البعث العراقي صدّام حسين، ليحط أخيراً في أحضان نظام الأسد الآب والإبن ويتلحف نظام الملالي الديني المذهبي في ايران، ويُسيّر من جهاز يتحكم في نجاح واكيم وأمثاله عن قرب وعن بعد وكيل ايران في لبنان "الحزب" الاسلامي الشيعي الإثنا عشري المؤمن بولاية الفقيه الايراني المتمثل بالامام علي خامنئي.
قد يكون عدم المفاجأة مرده الى تاريخ واكيم الرؤيوي في تقلباته وانقلاباته وحتى ترويضه إذ يكفي أن نتذكر كيف أن واكيم، وفي إطار شعبوي في الاثارة، إنتقد في جلسة السادس والعشرين من تشرين الثاني من العام 1996 الوجود والاداء السوري في لبنان ليرد عليه النائب البعثي عاصم قانصوه متهماً إياه، بما يتهم واكيم اليوم خصومه من السياديين، "بأنه يقترب من خانة التآمر لخدمة العدو الاسرائيلي"، كما ردّ عليه نائب كتلة الرئيس برّي آنذاك أنور الخليل، متهماً إياه كذلك بما يتَّهِم غيره، "بأنه خالٍ من أي حسٍّ وطني أو قومي"ليعود واكيم ويعتذر من قانصو وخليل والنظام السوري المحتل، مؤكداً التزامه بالخط وعلى صداقته لسوريا الاسد.
هذا الالتزام وتلك الصداقة لم تمنع من ورود اسم نجاح واكيم ضمن لائحة نشرت في 28 تشرين الأول 2005، من المستفيدين من كوبونات النفط العراقي كـ"هبة" من النظام العدوّ اللدود لنظام الاسد والنظام الايراني، صدّام حسين.
في تموضعه الأخير اعتبر واكيم في 16 آب 2012 توقيف ميشال سماحة متلبساً بنقل المتفجرات من سوريا ومن مكتب مسؤول الأمن السوري علي مملوك، "جزء من ألعاب مخابراتية تستخدم في السجل السياسي"... ليلتقي مع مموّله ومحرّكه الجديد اذ يقول رئيس كتلة الحزب الحاج محمد رعد في 9 آب 2012: "لن نسكت على اعتقال الوزير المقاوم ميشال سماحة وفي لبنان قضاة خاضعون لأجهزة امنية مشبوهة والتهم فبركات امنية".
في التموضع الأخير كذلك ومع المحور في "آخرته" بعد سقوط نظام الأسد في سوريا، استدعي واكيم من أكوام النفتالين ليعيد مع جوقة الاعلاميين والممانعين نغمة التهديد بتقسيم الجيش التي رفعت في 1975 بوجه المطالبين بنشره منعاً وتجنباً لما جرى قبل 50 عاماً، ونغمة التهديد بالحرب الأهلية وبتظاهرات السواطير والكوفيات بوجه من طالب بانسحاب الجيش السوري من لبنان، لتستحضر نغمة الحرب الاهلية التي أطلقها واكيم ناطقاً باسم المموّل المحرّك اليوم على إيقاع الالتزام ببنود اتفاق وقف اطلاق النار بوجه كل من يطالب بنزع سلاح الحزب من رئيس الجمهورية اللبنانية مروراً بأصغر مواطن حرّ سيد وسيادي في الجمهورية... وقد يكون ما تلمّسه الحزب عن قرب نهاية سلاحه بعد انتخاب الرئيس جوزاف عون وخطاب القسم الذي القاه وتكليف نواف سلام هو ما دفعه الى استعادة النغمة السابقة الممجوجة بالتهديد بالحرب الأهلية وهو ما عبّر عنه رئيس كتلة الوفاء للمقاومة الحاج محمد رعد مهدّداً بعد سقوط مرشحه لرئاسة الحكومة نجيب ميقاني في 13 كانون الثاني 2025 اذ قال: "إن البعض يعمل على "التفكيك والتقسيم والشرذمة والإلغاء والإقصاء تعنّتاً وكيديةً وتربصاً.. سنرى كل الجهود من أجل التنفيذ الصحيح للقرار 1701 بما يحفظ الوحدة الوطنية والتوافق الوطني، وبما لا يهدد العيش المشترك في هذا البلد".
تذكيراً لمشغلي اسطوانة 1975 – 2005 نفسها عن الاحتلال السوري في الـ2025 عن سلاح "الحزب" من دون اي اعتبار للتطورات ونقاط التحول وموازين القوى الدولية والاقليمية والمحلية نحيل القارئ والرؤيّون على شاكلة الحزب والدمى المحنطة المتحركة بخيوط وايادي الممانعة في ايران، الى ما قاله في 9 نيسان 2002 ميشال عون في مقابلة مع "mtv": "ألم تسمع الخطابات التي هدّدتنا بالحرب الأهليّة في حال مطالبتنا بالإنسحاب السّوري؟ حزب الله هو الذي هدّد ومن غيره يملك السّلاح؟ قال أنّنا نريد أن نقوم بكوسوفو ثانية وأنّه سيتصدّى لهذا الأمر، وأنّه في الخطّ الأمامي في الدفاع عن سوريا، وهذا ورد في صحيفة السّياسة الكويتيّة وعلى لسان السّيد حسن نصرالله، وكأنّه يتهمنا أو يهدّدنا بالحرب الأهليّة إذا طالبنا بالإنسحاب السّوري من لبنان… لماذا لا يعترف لي بحقّ الإختلاف؟ ولماذ حزب الله هو خطّ الدّفاع عن سوريا في لبنان".