كتبت صونيا رزق: 8 تشرين الاول 2023... عامان على إنخراط حزب الله في وحدة الإسناد والساحات بعد يوم على عملية "طوفان الاقصى" التي شنتها "حماس" على إسرائيل، والنتيجة كانت حرب إبادة إسرائيلية قلبت الوضع رأساً على عقب في المنطقة، فأدخل حزب الله لبنان الى الحرب تحت عنوان "دعماً لشعبنا الفلسطيني الصامد وإسناداً لمقاومته الباسلة"، فجعل من لبنان رهينة أجنداتٍ إيرانية محمّلاً جبهة الجنوب كل تداعيات عملية "حماس"، على الرغم من كثرة الاصوات اللبنانية المعارضة لجرّ لبنان الى حرب عبثية، ومن دون إستئذان الدولة او أخذ رأيها، وكأنّ الحزب الاصفر هو الحاكم بأمره والمتربّع على عرش لبنان، فبدا في تلك الصورة دويلة تحكم الدولة، غير آبه بنداءات الداخل والخارج الذي أطلق الضغوط على "الحزب"، رفضاً لزجّ لبنان في قضية لا علاقة له بها، ودعاه الى تطبيق القرارات الدولية، إلا انه وكالعادة واصل تنفيذ قراره غير آبه بأحد لخوض الحرب مع محور المقاومة او أذرع ايران في المنطقة، ضمن عنوان الصراع الوجودي مع إسرائيل، والذي يخدم بحسب رأيه إستراتيجية الانتصار في المعركة، فيما جاءت النتيجة مخيّبة لآمال "الحزب" بعد سلسلة السقطات التي توالت على كل محور المقاومة، والنتيجة هزائم على طريق القدس، وسقوط قتلى وجرحى ومعوقين إضافة الى دمار وخراب غير مسبوقين في تاريخ الحروب، وإغتيال عشرات القادة في صفوف حزب الله و"حماس"، ففتحت أبواب جهنم مع إنزلاق لبنان جرّاء القرارات العشوائية المتحكّمة به نحو مصير مشابه لقطاع غزة.
الى ذلك ونتيجة هذا الاصرار على ربط مصير لبنان بغزة، عاقبت إسرائيل حزب الله بإغتيال قادته من الصف الاول، وفي طليعتهم الامين العام حسن نصرالله، كما دمّرت مقرات الحزب بالكامل، واخترقت بنيته عبر عملية "البايجر" ودمّرت قاعدة الدعم الرئيسية له، مما يعني انّ "الحزب" دمّر نفسه بالكامل ودمّر معه لبنان، فيما تفرّق رواد وحدة الساحات، وبات كل واحد منهم في مكان، فحركة "حماس" دخلت في مفاوضات السلام في شرم الشيخ، بعد موافقتها على خطة الرئيس الاميركي دونالد ترامب لإنهاء الحرب في غزة وفق شروط قاسية عليها، فيما حزب الله ما زال يحلم بتحرير فلسطين، اي بإختصار ووفق المثل الشائع: "الناس راجعة من الحرب وهو رايح إلها"، فيعمل على إضاعة فرصة قد تكون الأخيرة له ولدخول لبنان في مشروع السلام بالمنطقة، اذ يواصل سياسة التحدّي عبر خطابات نعيم قاسم ومحمد رعد حول عودة المقاومة الى ساحات الحرب بعد تعافيها، فـ"الحزب" ما زال يعيش على أطلال الانتصارات الوهمية، منفذاً أوامر ايران من دون ان يتعظ من "حماس" ويسلّم سلاحه الى الدولة اللبنانية، فإلى متى سيبقى يكابر ويرفض تصديق الواقع فيقاتل بالخطاب وشعارات الصمود والتصدّي والتحرير وتوابعهم، رافضاً تصديق الحقيقة المُرّة؟!