عندما يتكلّم السيد حسن … زوراً

بري .. أيضاً يترقب موقف نصر الله

يطالعنا السيد حسن نصر الله تعليقاً على اختطاف القيادي في القوات اللبنانية، منسّق منطقة جبيل الشهيد باسكال سليمان بخطاب أقل ما يُقال فيه أنه ” تحريضي” على القوات اللبنانية وحزب الكتائب اللبنانية والقوى السيادية التي تُزعج السيد لا لشيء سوى لأنها تقف سدّاً منيعاً في وجه ابتلاعه ما تبقّى من سيادة لبنان وحريته واستقلاله .

  • الحزب بين الأجندة الإجنبية والوطن البديل

ملامحُ نصرالله وهو يتناول “القوات اللبنانية” والكتائب والسياديين كانت كفيلةً بالتعبير عن حقيقة قوة هذا الانزعاج، لا بل الأرق والاشمئزاز اللذين تسببت له بهما تلك القوى السيادية.
وعندما يتطرّقُ السيد حسن الى الحرب الأهلية وقرار الحرب والسلم فهو ينسى لا بل يتناسى إن كان متابِعاً جيداً للأحداث بأن الحرب الأهلية لم تندلع الا لأن أمثاله اليوم في الداخل أرادوا في السابق السيطرة على الدولة واحتلالها لصالح مشروعٍ أجنبي وفق أجندة أجنبية يومها والمُسمّى بوطن بديل … كما أنه يتناسى أن الحرب الأهلية اندلعت لنفس السبب الذي يُطالب هو اليوم بنزعه أي السلاح غير الشرعي الخارج عن نطاق الدولة والشرعية.

  • نصرالله يكرّر تجربة “فتح لاند”

في العام 1975، اندلعت الحرب الأهلية لأنه كان هناك دويلة ضمن الدولة اللبنانية ألا وهي في حينه الدويلة الفلسطينية، واليوم يتحمّل السيد حسن نصر الله مسؤولية تكرار هذا السيناريو بإنشائه دويلته في قلب الدولة اللبنانية لدرجة إضعافها وإسقاطها من الداخل، لكن في ذاك العام لم تندلع الحرب بناءً لقرارٍ منفردٍ ومتفرّد بالحرب والسلم من الجانب المسيحي السيادي آنذاك، بل بسبب إعلان أن طريق القدس تمرُّ بالأشرفية وعين الرمانة وجونية وجبيل … فالذي اتّخذ قرار الحرب والسلم هم أصحاب هذا الشعار يومها وترجموا هذا الشعار استفزازاً لمنطقة مسيحية هي عين الرمانة …فالمسيحيون لم يحتكروا قرار الحرب والسلم ولم يتخذوه ولا هو كان مبادرتهم، إذ لم يكونوا المبادرين الى الاعتداء على الآخرين في أرضهم، بل تمّ الاعتداء عليهم في أرضهم وعلى أمنهم ووجودهم في ظلّ تخلّي الدولة عن دورها في حماية اللبنانيين ومنع وقوع الفتنة وفرض السيادة وحكم القانون على الوجود الفلسطيني الذي أُطلقت يده منذ اتفاقية القاهرة عام 1969 وشرعَنه العمل المقاوم وتحويل الجنوب الى “فتح لاند”، ما أدّى الى جرّ المسيحيين لحمل السلاح للدفاع عن وجودهم مقابل مَن كان ينادي برميهم مع كل الأحرار الوطنيين في البحر لاستبدال فلسطين بلبنان وإراحة إسرائيل من القضية الفلسطينية.

  • المسيحيون لم يحملوا السلاح إلا عندما شعروا بالخطر على وجودهم

نعم يا سيد حسن، في كل محطة مصيرية شعرَ فيها المسيحي تحديداً بأن وجوده مهدُّد حملَ السلاح للدفاع عن نفسه والزود عن الدولة ومؤسساتها والحفاظ على وجودها، وهذا حقٌ مشروعٌ من حقوق الإنسان والمواثيق الدولية … لا للسيطرة على الدولة واحتلالها من الداخل والسطو على مفاصليها ومصادرة قراراتها السيادية ومنها قرار الحرب والسلم وقرار التفاوض مع العدو الإسرائيلي، ولا لتنفيذ أجندات خارجية وإلحاق لبنان بمحاور إقليمية ودولية متناحرة … كما فعلتم أنتم في حزب الله والثنائي الشيعي …
نعم يا سيد حسن، مَن قامَ بالحرب حينها كانوا تماما مثلكم اليوم، فريق يريد السيطرة على الدولة بقوة السلاح وحكم الدولة بفائض قوة هذاالسلاح … فلم يترك للمسيحيين بأحزابهم وقواهم سوى خيار حمل السلاح …

  • “الحزب” لم يستوعب فكرة كيان لبنان ودستوره

هل نسي السيد حسن بأن “القوات اللبنانية” والكتائب و الميليشيات اللبنانية كافة من مسيحية وغير مسيحية سلّمت الدولة اللبنانية سلاحها نتيجة اتفاق الطائف الا حزبه الذي ومنذ 1982 يُمعِن تحدياً لهيبة الدولة وقوانينها ودستورها ومؤسساتها …
وإن كان ثمة أحقادٌ وفتنٌ فإن حزب الله وحده مَن يتحمّل وجودها لأنه بنهجه وسياساته وفائض قوته وسيطرته على مفاصل الدولة يُسخّر بعض أجهزتها وقضائها لقمع الرأي الآخر وسائر اللبنانيين المعارضين لدويلته و لسلاحه ومصادرته قرارات الدولة السيادية لتجييرها بما يخدم أجندته الإقليمية، سواء في سوريا أو إيران أو اليمن أو العراق …
هل تناسى السيد حسن أن حزب الله ليس سوى فريق من بين أفرقاء لبنانيين آخرين؟
هل نسي أن الشعب اللبناني مؤلف من مكوّنات ثقافية ودينية ومذهبية وحضارية متنوعة لا تتبع تقويمه أو معتقده أو مذهبه أو أجندته السياسية والعقائدية؟
هل يستطيع السيد حسن استيعاب فكرة أن في لبنان فريقٌ واسع من اللبنانيين لا يوافقه على أخذه لبنان الى حروب لا دخل له فيها ولا ناقة ولا جمل؟
هل يستطيع السيد حسن استيعاب فكرة أن لبنان دولة ودستور ومؤسسات وهو مكون شريك لا ولّي أمر اللبنانيين؟

  • عندما يتسبّب الحزب بإفراغ المؤسسات الأمنية والقضائية مَن يجرُّ لبنان الى الفتنة هو حزب السيد حسن نصر الله باعتباطيته وبطشه واستخدام فائض قوته ضد اللبنانيين وبخاصة الذين يعارضونه ويعارضون سلاحه واحتلاله للبنان وللقرار اللبناني … فلم ننسَ 7 أيار واليوم المجيد الذي تغنّى به السيد …
    مَن يجرُّ لبنان الى الأحقاد هو حزب السيد حسن نصر الله الذي اغتال شخصيات الاستقلال الثاني عام 2005 وما بعده من الرئيس الشهيد رفيق الحريري الى لقمان سليم …
    مَن يجرُّ لبنان الى الأحقاد هو حزب السيد نصر الله الذي يورّط اللبنانيين رغم عنهم وعلى حسابهم في حروب المنطقة من سوريا الى غزة … ويدّعي النصرة لأسباب واهية وغير مقنِعة لا لشيء إلا فقط بهدف إطالة أمد سلاحه الى ما شاء الله وإيجاد المبرّرات لاستمراره … من دون أفق …
    مَن يجرُّ لبنان الى الأحقاد هو حزب السيد حسن الذي يعرقل انتخاب رئيس للجمهورية ويمنع انعقاد جلسات انتخابية متتالية تحت قبة مجلس النواب … ويتسبّب بإفراغ المؤسسات القضائية والأمنية والدستورية من مضامينها ليتمكّن من التفرّد بحكم البلد وأهله وفق نهجه ورؤيته، علماً أن لا “القوات اللبنانية” ولا حزب “الكتائب” حتى الآن اتّهموا حزب الله مباشرةً بخطف منسّق القوات في قضاء جبيل، وهم ينتظرون نتائج التحقيقات التي تريدها “القوات” عميقة وجدّية من قبل الأجهزة الأمنية والقضائية، إلا أنه وعلى افتراض جدلي أن الاتهام تحقّق، فكيف يريد السيد حسن نصرالله أن لا يتّهم هو وحزبه بخطف الشهيد باسكال سليمان أو المشاركة أو التواطؤ على خطفه أو تسهيل عملية الخطف والاغتيال والمنطقة التي اختطف اليها الشهيد تقع تحت سيطرته بحسب المعلومات المتوفّرة، وهو الحزب الوحيد المسلّح و الذي يبقي عن سابق تصوّر وتصميم المعابر متفلّتة بين لبنان وسوريا في حالة تسيّبٍ وفوضى واستباحة، والحزب الوحيد الذي يغطي بسلاحه أعمال التهريب عبر الحدود والمعابر غير الشرعية، وهو الذي يوفّر الغطاء والحماية للمهرّبين، وهو الذي لا يمكن لذبابة أن تطير فوق مناطقه أو مناطق سيطرته من دون علمه أو موافقته أو الإثنين معاً …بناءً على كل ما تقدّم، نقول للسيد حسن نصرالله إن زمن الغشّ وقلب الحقائق انتهى … كما زمن تحكّمه برقاب اللبنانيين … وإن لا فتنة يمكن أن تحصل إلا بمبادرةٍ وتخطيطٍ من حزب الله … فلا فتنة ولا تآمر خارجي الا تلك الفتنة وذاك التآمر المتأتّيين من سياسات الحزب ونهجه وسلاحه وأجندته ضد لبنان واللبنانيين …
    رحِم الله الشهيد باسكال سليمان وكافة شهداء المقاومة اللبنانية … وجنّبنا وجنّب لبنان تداعيات جنوح حزب الله وقيادته … وزور كلامهم … في لحظة إقليمية حرجة لهم ولمحورهم.
المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: