مع غروب اليوم الأخير من زيارة البابا لاوون الرابع عشر إلى لبنان، بدا المشهد كأن البلاد تنتقل من هدأة روحية خاطفة إلى هواء مثقل ببارود السياسة.
فالزيارة التي منحت اللبنانيين نافذة قصيرة على نورٍ أعلى من ضجيج يومياتهم، أسدلت ستارتها فيما جدار التوتر يعود ليعلو سريعاً، وتبدأ معه طبول مرحلة توحي بأن ما بعد المغادرة لن يشبه ما قبلها.
تسارعت وتيرة التهديدات الإسرائيلية الموجهة إلى "حزب الله" والحكومة اللبنانية على حد سواء، بعنوان واحد لا يحتمل الالتباس مفاده، تنفيذ خطة حصرية السلاح بلا إبطاء.
هذا التصعيد تزامن مع التحذيرات القاسية التي حملها السفير الأميركي توماس براك إلى العراق، بشأن أي محاولة للتدخل أو دعم الحزب في لبنان، في مؤشر واضح إلى أن واشنطن وتل أبيب تتحركان وفق ساعة سياسية واحدة.
وبحسب أحد المراقبين العسكريين الذي تحدث إلى منصة LebTalks، فإن رسائل براك تهبط كقذائف سياسية دقيقة، وتأتي حصراً ضمن مسار إحكام السيطرة على ملف السلاح في لبنان، لا بوصفها رداً ظرفياً على عملية اغتيال القيادي البارز في الحزب، هيثم طبطبائي.
ويؤكد المراقب أن أي رد مباشر من الحزب على عملية الاغتيال سيكون الشرارة الأولى لعملية عسكرية واسعة النطاق، قد تكون مدروسة مسبقاً لدى إسرائيل، بصفتهـا نافذة الفرصة التي تنتظرها لفرض واقع جديد في لبنان.
إلى ذلك، يكشف المراقب نفسه أن زيارة المبعوثة الاميركية مورغان أورتاغوس المرتقبة لبيروت ليست زيارة بروتوكولية، بل تحمل معهارسالة أميركية جارحة الوضوح، أن المهلة الممنوحة لبدء نزع السلاح انتهت تقريباً وما سيأتي لن يكون ودياً.
في المقابل، تتعمق المخاوف أكثر مع ما تسرب من معلومات نقلها وزير الخارجية المصري عن نية إسرائيل القيام بتحرك عسكري قبل نهاية العام.
وإذا صحت هذه المعطيات، فهذا يعني أن إسرائيل قد تتحرك قبل انتهاء المهلة الموضوعة لملف السلاح، ما يحول المرحلة المقبلة إلى فصل مفتوح على كل الاحتمالات، حيث تتقاطع المؤشرات على أن المنطقة تقف بين لحظة وشيكة ولحظة متأخرة، وأن الفاصل بينهما قد يكون طلقة أو رداً.
وهكذا، من وداع البابا إلى عودة طبول الحرب، يجد لبنان نفسه مجدداً في قلب العاصفة، بلد ينتهي فيه قداس وتبدأ فيه معركة رسائل حربية متدحرجة، لا أحد يعرف أيها سيقع أولاً، لكن الجميع يعرف أن ساعة الانفجار اقتربت.