في قلب العاصفة... قطر تبني خطابها بالعقلانية والدور المتزن

qatari flags

في منطقة تتقاطع فيها الأزمات والتحولات، تواصل قطر ترسيخ موقعها كدولة تجمع بين مقومات الحداثة، والدور الفاعل في المشهد الإقليمي، من خلال دبلوماسية نشطة، وخطاب إعلامي متمايز يراهن على المهنية والوضوح.

لم تكتفِ قطر بمسيرة تنموية متسارعة، بل سعت بالتوازي إلى بناء حضور سياسي وإعلامي يركز على دعم الاستقرار وفتح قنوات الحوار، بعيداً من الاصطفافات الحادة، وقد مكنها هذا التوازن من لعب أدوار محورية في قضايا معقدة، أبرزها الملف الفلسطيني، حيث كانت مواقفها واضحة في الدعوة إلى وقف إطلاق النار، ووقف العدوان، والسعي لتخفيف المعاناة الإنسانية.

ورغم أن هذا الدور لم يكن محصناً من الاستهداف، فإن الاعتداء الإسرائيلي الأخير على الأراضي القطرية مثّل تصعيداً خطيراً، ليس فقط في بعده الأمني، بل في رمزيته ضد دولة تبنت منذ البداية نهج التهدئة والدبلوماسية، ومع ذلك، لم تغيّر الدوحة نهجها، بل تعاملت مع الحدث بحكمة ومسؤولية، مدعومة بموقف خليجي موحد عبرت عنه قمة طارئة عُقدت في العاصمة القطرية.

القادة الخليجيون أكدوا في بيانهم الختامي أن أمن قطر جزء لا يتجزأ من أمن المنطقة، وأشادوا بكيفية تعاملها مع الحادث، معتبرين أن هذا الاعتداء يهدد مجمل الجهود السياسية والإنسانية المبذولة لاحتواء الوضع في غزة.

وفي ظل هذا السياق المعقد، يتبين أن ما يميز قطر ليس فقط مواقفها السياسية، بل أيضاً قدرتها على التعبير عنها بوسائل إعلامية متزنة، فتحت المجال أمام تغطيات موضوعية، ونقلت الروايات المهمشة، وساهمت في إبقاء النقاشات الحيوية حية في الوعي العربي والدولي، بعيداً عن التعميم أو الانحياز.

لقد اختارت قطر أن تكون دولة تطرح الأسئلة، لا أن تنخرط في الصمت، وأن تكون مساحة للوساطة بدلاً من التوتير، وأن تقدم خطاباً عقلانياً في زمن الضجيج، وفي ظل عالم تتراجع فيه الأصوات المستقلة، تبرز أهمية النموذج القطري في الإعلام والدبلوماسية، ليس لأنه مثالي، بل لأنه ملتزم بمسؤولياته تجاه محيطه.

ختاماً، فإن استهداف قطر يطرح تساؤلات أبعد من اللحظة الراهنة، فهل أصبح من يلتزم بخطاب التهدئة والسلام عرضة للمحاسبة؟ وهل يُستهدف من يسعى للوساطة بدلاً من الاصطفاف؟

في كل الأحوال، قطر لا تتحدث من فراغ، بل من موقع صنعته عبر سنوات من التراكم الهادئ، وبأدوات باتت تُحسب لها لا عليها.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: