يستقوي الامين العام لحزب الله نعيم قاسم دائماً بسواعد و"عنتريات" أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني، الذي يطلق جرعات دعم معنوية وغير معنوية لحزب الله، وبصورة خاصة لقاسم، فيعمل على تغيير خطابه المتأرجح بين العصا والجزرة بحسب الدعم الايراني، فيستوحي عبارات جديدة ويصدّقها منها "انّ المقاومة مستمرة ولن تتوقف وباقية في الميدان، وهي الحل الطبيعي عندما لا يكون الجيش قادراً، الحزب يواجه حصاراً وهجمة عامة، لكنه سينتصر بالمواجهة السياسية والإعلامية وبالطريقة المناسبة".
قاسم وصف في مقابلته المتلفزة الاخيرة على قناة المنار، في الذكرى السنوية الأولى لانتخابه أميناً عاماً، حزب الله بالمشروع الإستراتيجي الذي يحوي رؤية واضحة في التفاعل مع التحدّيات التي تواجهه، معتبراً انه في مرحلة جديدة لانّ الأساليب والطرق والأزمنة تغيّرت، لذا لن يترك المعادلات الجديدة تترسّخ بطريقة إسرائيلية، بل سيعمل على ترسيخ معادلة تحمي مستقبل لبنان، ورأى انّ المقاومة الآن أشد عزيمة وبطولة من أي وقت مضى.
هذا الإنقلاب الذي يتباهى به قاسم ويتبجّح بقوة دفاعية باتت بعيدة كليّاً عن ارض الواقع، يتصدّى لها بالكلام فقط ليرّد على كل التحذيرات والرسائل التي تصل تباعاً من الموفدين الغربيين والعرب، الذين يتنقلون في لبنان يومياً، حاملين التهديدات بحرب واسعة ستشنّها إسرائيل قريباً جداً على لبنان، في حال لم يحلّ ملف السلاح وينفذ القرارات الدولية، فيقول ضمن لهجة جديدة "سلاح المقاومة جاهز للدفاع إذا تعرّض لبنان لخطر الحرب"، من هنا نطرح السؤال: "متى ستتحقق هذه الجهوزية؟ فلبنان يتعرّض يومياً للغارات والمسيّرات الاسرائيلية والقصف، ولعمليات إغتيال مسؤولي وعناصر حزبكم وانتم تلتزمون الصمت، وتضعون الكرة في ملعب الدولة التي لم يأخذ برأيها أحد حين قرّر شنّ الحرب على إسرائيل، تحت شعار "وحدة الساحات"، فأتت النتيجة سقطات متتالية وهزائم عسكرية، فإنقلب شعار الإسناد الى تسليم مهمة الدفاع والتحرير للدولة اللبنانية، بعد إستفاقة عليها لم تكن واردة في حسبان الحزب الاصفر، وحجّة الجيش غير قادر على التصدّي لإسرائيل!!!، فهل بات اليوم قادراً لانكم فشلتهم في المهمة الدفاعية؟.
قاسم المتقلب في كل شيء إستعان بقدرة التعافي غير الموجودة، لإعلان جهوزية مزيّفة والقول: "نحن جاهزون للدفاع وليس لشنّ معركة وليس لدينا قرار للمبادرة بالقتال، لكن إنْ فُرضت علينا معركة، ولو لم يكن لدينا سوى خشبة فلن نسمح للإسرائيلي أن يمرّ، فلا أحد يحدّد مدة الصبر الاستراتيجي لدينا"، آملاً أن تتوصّل الدولة اللبنانية الى خطة لمجابهة العدوان غير الخطة الديبلوماسية التي يتحدّثون عنها.
كل ما ورد يؤكد أنّ حزب الله فقد الغطاءَيْن العسكري والسياسي، ليصبح في مرحلة ضياع وضعف، لكنه يحاول إقناع نفسه كالعادة بانتصار وهمي، ما يؤكد أنّ خيارات الحزب لم تعد موجودة، فهنالك ثوابت لم يعد باستطاعته رفضها أو تدوير زواياها ومحاولة نقلها من ضفة إلى أخرى، لأنّ زمن التحوّلات يسيطر على الساحة اللبنانية، فيما سيبقى الحزب لفترة يقاتل بالخطاب فقط، اي بإستعادة شعارات التصدّي، فيما على خط الواقع يعيش على الأطلال رافضاً تصديق الحقيقة المُرّة.