كتب جيمي ديب
في بلدٍ اعتاد أن يحتفل رغم الألم، أصبح العيد تعبيراً صامتاً عن التمسك بالحياة. نُسكِت القلق بالترنيمة، ونواجه الخوف بإضاءة شمعة، ونكسر ثقل الحرب بجمع العائلة حول الطاولة.
قبل يومين من أمسية الميلاد المجيد، الأضواء معلقة، الأشجار مزينة، والموسيقى تملأ الشوارع، لكن السؤال الحقيقي أبعد من كل هذا: هل نعيش فعلاً جو الميلاد؟
في لبنان، لم يأتِ العيد وحده، فهو يأتي محملاً بالقلق والتوتر، خاصة في ظل الحديث المستمر عن حرب جديدة قد تكون أقرب مما نعتقد.
وكأنّنا اليوم لا نحلم بالهدايا، بل نحلم ألا تنتهي فترة العيد، أن تطول الأيام القليلة التي سُمح لنا فيها أن ننسى قليلاً، وذلك بعد تصريحات وسائل إعلام إسرائيلية عن تأجيل الملف اللبناني إلى ما بعد لقاء رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو برئيس الولايات المتحدة الأميركية دونالد ترامب في نهاية الشهر الحالي.
وكأنّ العيد أصبح مهلة غير معلنة، والفرح مؤجّل على توقيت السياسة.
كأنّنا نعيش حلماً قصيراً، ونعلم في قرارة أنفسنا أنّ الاستيقاظ منه قد يكون على كابوس حرب جديدة.
نحاول أن نعيش بشكل طبيعي، لكن الطبيعي في لبنان بات مثقلاً بالترقب. كل تفصيل صغير يرافقه سؤال: ماذا بعد؟
الميلاد ليس تاريخاً على الرزنامة، هو شعور، هو لحظة سلام داخلي... وهل السلام ممكن عندما يكون المستقبل معلقاً على لحظة قد تنقلب في أي وقت؟
الميلاد، في جوهره، لا يحتاج زينة ولا ضجيجاً، بل يحتاج صدقاً، ويحتاج أن نعود قليلاً إلى داخلنا، وأن نسأل: هل قلوبنا جاهزة؟ هل لا نزال نؤمن أن النور أقوى من العتمة؟
ربما لا نعيش الميلاد كما يجب، وربما نعيشه بطريقة مختلفة... بصمت أكثر، وبخوف أكثر، لكن أيضاً برجاء عنيد لا يموت.
في لبنان، الميلاد ليس موسماً، بل هو اختبار إيمان بالحياة.
وكل سنة، ننجح... رغم كل شيء.