تدريجياً، بدأت خيوط شبكة معقدة تنشط داخل ألمانيا تتكشف أمام السلطات الاتحادية، وذلك بعد التحقيقات التي طالت مواطناً لبنانياً يبلغ من العمر 35 عاماً، عرف باسم "فاضل ز"، فبحسب ما نقلته قناة أخبار 12 الإسرائيلية، مثل هذا الرجل الحلقة التي أدت إلى فتح ملف يعد اليوم واحداً من أكثر الملفات حساسية على صعيد الأمن الأوروبي.
خلال جلسات محاكمته أمام المحكمة الإقليمية في مدينة تسيله شمال ألمانيا، اتهم الادعاء العام المتهمَ بالانتماء إلى حزب الله والمشاركة في مشروع تهريب طائرات مسيّرة ذات طابع عسكري إلى لبنان، غير أن خطورة القضية لم تتوقف عند هذا النشاط، إذ أشارت التحقيقات إلى وجود شبكة ممتدة داخل مساجد ومراكز ثقافية وروابط شبابية، ما جعلها بحسب مصادر تحت أنظار أجهزة الأمن منذ سنوات.
وبحسب تقارير غربية، كانت هذه الشبكة تتلقى الدعم من منافذ دعاية متفرقة، وتمتلك قاعدة مؤيدين تتجاوز 1200 شخص داخل ألمانيا، وتشير التقارير إلى أن نشاطها كان يتم بإشراف مباشر من الأمين العام السابق للحزب، حسن نصرالله، الذي قُتل عام 2024.
التحقيقات التي أعقبت اعتقال المتهم كشفت أيضاً، وفق معلومات المصدر، عن دور محوري لعبه "فاضل ز" سابقاً في تنسيق استقدام رجال دين شيعة إلى ألمانيا بهدف نشر الأيديولوجيا المرتبطة بـ"الحزب"، ما أثار مخاوف إضافية بشأن مدى تشابك الدور الديني مع النشاط التنظيمي.
وقد أعاد هذا الارتباط بين نشاط "الحزب" داخل أوروبا وتطورات الحرب في الشرق الأوسط تسليط الضوء على البعد الخارجي للتنظيم، الذي تشير تقارير استخباراتية غربية إلى أنه لا يزال يحتفظ بجناح عملياتي قادر على التخطيط لهجمات في دول أوروبية، من بينها ألمانيا واليونان والسويد، إضافة إلى قبرص وبيرو وتايلاند، مستهدفاً في الغالب المصالح الإسرائيلية واليهودية.
كما تتحدث معلومات عن شبكة مشتريات معقدة تعمل على استقدام تكنولوجيا متقدمة من أسواق مختلفة حول العالم، بينها دول أوروبية، بهدف تطوير منظومات الدرون التي استخدمت في السنوات الأخيرة في مهام استطلاعية وهجومية على الحدود الإسرائيلية.
غير أن أكثر الملفات إثارة للجدل يبقى استخدام الجمعيات الثقافية والمساجد كغطاء لإنشاء وتوسيع مجموعات شبابية تعمل تحت اسم كشافة الإمام المهدي، وفق معلومات خاصة لموقع LebTalks ورغم تقديمها كمنظمة تربوية تُعنى بالأنشطة التعليمية والترفيهية، تشير تقارير غربية إلى أنها تشكّل أداة رئيسية في عملية التجنيد وترسيخ الولاء بين فئات الشباب، ضمن إطار منظم يتقاطع تربوياً وفكرياً وتنظيمياً مع توجهات "الحزب".
وتكشف الأدلة الجديدة أن تلك المجموعات، التي تعمل بهدوء تحت مظلات دينية واجتماعية، أصبحت جزءاً من شبكة نفوذ أوسع تمتد داخل أوروبا، وتجمع بين البعد الأيديولوجي والخلايا اللوجستية، ما يجعلها موضع مراقبة دائمة من قبل الأجهزة الأمنية الأوروبية.