في زمن يتعامل فيه البعض مع الكاميرا كما لو أنها مدفع، ومع المقابلة التلفزيونية كأنها إعلان حرب، تحوّلت كلمات البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي على شاشة "العربية" إلى ما يشبه الزلزال في محورٍ لا يحتمل حتى نسمة سيادة.
تحدث سفير لبناني سابق في روما، رفض الكشف عن اسمه، إلى موقع LebTalks، معلقًا على البيان العنيف الذي أصدره المفتي الجعفري الشيخ أحمد قبلان، ردًا على مقابلة الراعي الأخيرة، بالقول: "إذا كانت مجرد مقابلة كافية لإعلان الاستنفار، فربما يجب أن نضع مفتيًا على باب كل محطة تلفزيونية، يقرر مسبقًا ما يجوز بثه وما يُعد تهديدًا للكون"!.
وتابع بنبرة لاذعة: "الراعي لم يُطلق النار، بل أطلق رأيًا، لا أكثر. قال ما يقوله كل لبناني فقد الثقة بالدولة المخطوفة، وقاله بهدوء لا يملك أمثاله أن يردوا عليه إلا بالصراخ".
وقال إننا نريد سلاحًا واحدًا تحت إمرة الدولة، فهل أصبح تطبيق الدستور مؤامرة؟ وهل صار الانتماء للبنان وحده خيانة؟"
ويرى السفير نفسه أن الهجوم على الراعي ليس سوى محاولة مكشوفة لقمع كل صوت يخرج عن "نشيد الممانعة الإجباري". وقال: "هم لا يرفضون ما قاله الراعي فقط، بل يرفضون أن يحق له الكلام أصلاً، فالمطلوب أن يسكت الجميع، وأن تظل الرواية الوحيدة الصالحة هي تلك التي تبدأ من الضاحية وتنتهي في طهران".
وعن التخوين، علق السفير بسخرية مريرة: "حين يخرج من ينسق علنًا مع مراجع خارجية ليتهم البطريرك بالعمالة، نكون فعلاً في قلب الكوميديا السوداء اللبنانية، فالراعي لم يتلقّ تعليمات من الرياض، ولا ينسّق مع CIA، بل قال ما هو مكتوب في مقدمة الدستور: لبنان وطن حر مستقل، سيد".
وختم حديثه قائلاً: "المقابلة التي أقلقتهم، لم تكن إلا مرآة، لكن من لا يعجبه وجهه، يكسر المرآة بدل أن يغير ملامحه، فالمضحك أن صوتًا واحدًا فقط من الكنيسة هز أركان محور كامل مدجج بالسلاح والخطابات، تخيّلوا لو أن كل اللبنانيين تكلموا دفعة واحدة… ماذا كنتم ستفعلون؟ تقطعون الإنترنت؟".