مأزقُ "حماس" بين مُحتّلٍ ومُختّلٍ... وطوفانٍ لم يفلح ومستقبلٍ غير مفرِح

WhatsApp-Image-2024-07-07-at-1.17.21-PM

لم يطلب أٌحد من حركة "حماس" في العالمَين العربي والإسلامي أن تُبادر في 7 تشرين الأول 2023 الى الهجوم على المحيط الإسرائيلي، فكان " طوفان الأقصى " خطوةً موضعيةً محدودة المفاعيل لم تتجاوز ساعات معدودة لكنها  كانت كفيلة لاستجلاب الويلات والوحشية الإسرائيلية على الشعب الغزّاوي المنكوب.

مع مرور الوقت والتراجع قليلاً في مراقبة وتحليل ما حصل ويحصل في قطاع غزّة المنكوب، يمكن بكل بساطة استخلاص الآتي :

١- أرادت "حماس" من خلال "طوفان الأقصى" أخذ المبادرة لزعزعة العدو الإسرائيلي في عقر داره فزعزعته لساعات، ثم ما لبثَ العدو الإسرائيلي المحتل أن عادَ وأخذَ المبادرة ولم يكتفِ بردّ الهجوم بل دخل أيضاً القطاع واحتلّه مجدّداً ودمّره وقتلَ شعبه وهجّره وحاصره في رفح.

٢- أرادت "حماس" أن يكون "طوفان الأقصى" بداية معركة تحرير القدس والمسجد الأقصى، فاذا بها تصبحُ هي موضع تحرير من القطاع ولم يصل طوفانها الى الأقصى.

٣- أرادت "حماس" أن يكون "طوفان الأقصى" طوفاناً عربياً إسلامياً جارفاً تُفتح أمامه كل الساحات، لكن الطوفان العربي- الإسلامي لم يحصل، لا بل إستنكف أشد حلفاء "حماس" وعلى رأسهم إيران عن الدخول في المعركة باستثناء مبادرة "رفع عتب" من حزب الله اللبناني الذي افتتحَ معركة قاصرة تحت شعار "الإشغال"، علماً أن الإسرائيلي لم ينشغل للحظة عن متابعة مشروعه الوحشي والتدميري لقطاع غزة.

 ٤- أرادت "حماس" إنتفاضةً عربيةً إسلامية من المحيط الى الخليج دعماً ومؤازرةً لطوفانها، لكن أياً من الشارع العربي أو الإسلامي لم ينتفض ولم نشهد تلك السيول البشرية الجارفة في الدول العربية من الخليج الى المغرب العربي وبقيت الشوارع العربية والإسلامية هادئة وإن كانت، وهذا أمرٌ طبيعي، متعاطفةً مع القضية الفلسطينية ومستهجِنةً الوحشية الإسرائيلية، وداعمةً لحق الشعب الفلسطيني والأماكن المقدسة، ومتضامِنة مع الآم الشعب الفلسطيني لا الآم "حماس" تحديداً ... كذلك تعاطفُ شعوب العالم إزاء المجازر التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي بحق الأطفال والنساء والشيوخ العزّل والبنى التحتية الاستشفائية والمعيشية والاقتصادية والطاقة والى ما هنالك ...إذ ان التعاطف الدولي الشعبي لم يكن للحظة دعماً ل"حماس والجهاد الإسلامي وطوفان الأقصى"، بل دعماً للشعب الغزّاوي الذي أثبتت التجربة المريرة أنه ضحية إسرائيل المحتلة وحماس المختلّة ...

٥- أرادت "حماس"، بأخذها الرهائن الإسرائيليين، المبادلة والضغط على الحكومة اليمينية الصهيونية المتطرّفة في إسرائيل لإطلاق الرهائن الفلسطينين من السجون والمعتقلات الإسرائيلية، وها هي اليوم تفاوضُ على إطلاق الرهائن الإسرائيلين وهي مستعدة لإطلاقهم جميعهم مقابل وقف إطلاق النار وانسحاب إسرائيل من القطاع ...

إنه مأزق "حماس" الجيو سياسي والاستراتيجي ...فهي تفاوضُ راهناً على وقف إطلاق النار وتقبلُ بالصيغ التي تهدفُ الى وقف إطلاقه، مع أنها هي التي بادرت في 7 تشرين الأول 2023 الى إطلاق النار والهجوم على المستوطنات القريبة من غزة ... ما يعني أن "حماس" التي ترفضُ الاحتلال الإسرائيلي لغزّة هي التي أدخلت هذا الاحتلال وتسبّبت به نتيجة فشل "طوفانها "، متجاهلةً في الوقت عينه أن الاحتلال الذي ترفضه ها هي تفاوضه على وقفٍ لإطلاق النار، وقد باتَ جاسماً على أرض قطاع غزّة من شماله الى جنوبه ... أفليس في موقف "حماس" المطالب بإنهاء الاحتلال لقطاع غزّة إقرارٌ ضمنيٌ لا بل يكاد يكون صريحاً منها بحصوله مجدّداً بينما لم يكن موجوداً بتاريخ 7 تشرين الأول وبالتالي فشلها في تحرير فلسطين والمسجد الأقصى؟

* لماذا ترفضُ "حماس" دخول أي قوة غير فلسطينية الى  اليوم ترفضُ قطاع غزّة

"حماس" ترفض اليوم دخول أي قوةٍ غير فلسطينية الى القطاع غامزةً من قناة ما يتم ترتيبه حول دخول قواتٍ عربيةٍ الى القطاع في إطار الحل النهائي للحرب، وفي الوقت نفسه تطالبُ الدول العربية وتحديداً الخليجية بإعادة إعمار غزّة ... وكأن شيئاً لم يكن ... وهي تعيش حالة إنكارٍ ... إنكارُ ماذا؟

إنكارٌ بأن الدول العربية والخليجية تحديداً لن تدخل غزّة ولن تعيد إعمارها ما دامت حماس موجودة ... هذه هي الحقيقة التي يجب على "حماس" إدراكها وفهمها لأنها لا تزال حتى الساعة تمنّن نفسها بأنها هي التي ستعود لحكم غزّة وهذا من سابع المستحيلات ...

"حماس" التي ترفضُ حكم غزّة من أي طرفٍ غير فلسطيني هي نفسها تخاصمُ السلطة الفلسطينية وترفض أي دورٍ لها في قطاع غزّة ...

 والحقيقة الأخرى التي تخفيها "حماس" ولا تعترفُ بها هي أنه يتمُّ حالياً التفاوض على كيفية تأمين الخروج الآمن لها ولقياداتها وعناصرها من القطاع أو ما تبقّى منه.

* مأزق حماس سياسي وعسكري داخل قطاع غزّة المدمَّر

"حماس" قبلت أخيراً بمقترحٍ أميركي للتفاوض على إطلاق الرهائن الإسرائيليين جنوداً ورجالاً بعد 16 يوماً من انتهاء المرحلة الأولى المتمثّلة بوقف إطلاق النار وتأمين الخروج الآمن من غزّة لانهاء هذه الحرب المجنونة والمدمِّرة، فالمأزق واضح سياسياً كما عسكرياً في غزّة ... و"حماس" في عمق هذا المأزق إذ بعدما كانت تُعلن عن تحرير الأقصى في 7 تشرين الأول 2023 باتت تفاوض على وقف إطلاق النار ... أوليس في ذلك بحدِّ ذاته سِمات فضيحةٍ مدويةٍ ؟

وبدلَ التبجّح بأن إسرائيل لم تنجح في تحقيق أهدافها من حربها على القطاع واعتبار ذلك علامة انتصارٍ في معركة دفاعية من المفترض أن تكون فلسطينية هجومية، فالحري على حماس النظر الى نفسها وإحصاء الفشل والخيبات مثل تلك العملية المتهوّرة وغير المحسوبة وغير الناجحة ... إذ يكفي النظر الى قطاع غزّة المدمَّر والى 40 ألف شهيدٍ فلسطينيٍ مدني والى وجود إسرائيل في رفح لنفهم أن معركتها فشلت والخيبة لا تضاهيها سوى النكبة الثانية الكبرى للقضية الفلسطينية التي أبعدت حلَّ الدولتين والتي من دونها لا إعمار لغزّة المشترط بدوره لتحقيقه عدم وجود حماس أي خروجها من المعادلة الغزّاوية كاملة.

المعادلة باتت واضحة : إيقاف الحرب بعد إنهاء "حماس" ومن ثم عودة العمل على حل الدوليَتن ... إنها خارطة الطريق التي لا يجرؤ الكثير من العرب على البوح بها علناً ... فلا إعمار لقطاع غزّة إلا بعد إنهاء وجود "حماس" أقله العسكري .

 حرب غزّة وبقدر ما كتبت نهاية "حماس" بقدر ما كتبت أيضا نهاية التطرّف الصهيوني حيث أن لإسرائيل السياسية مصيرٌ آخر ينتظرها في الأشهر المقبلة...

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: