متلازمة التصوير عن قرب.. واستنجاد اللبنانيين بالعذراء والزهراء

ghara

كتبت لينا البيطار في موقع “LebTalks”:

مَن يتابع الصور والفيديوهات التي تجتاحُ مواقع التواصل الاجتماعي سيلاحظُ حتماً ظاهرةً غريبة هي مسارعة اللبنانيين الى تصوير الأماكن التي تهدّد إسرائيل بقصفها مسبقاً من خلال الإنذارات التي توجهها الى سكان المناطق المستهدَفة “عن قرب”، وهي مسافة الأمتار الـ500 التي تتردّد في كل إنذار مع عبارة “من أجل سلامتكم إبتعدوا 500م عن هذه المناطق أو المباني”.

ومع أن بعض العمليات الحربية الميدانية التي يشنّها الجيش الإسرائيلي في عدوانه المستمر على لبنان لم يسبق أن شهدت مثيلها أي حربٍ في أي منطقة من العالم، إلا أن ردّة فعل المستهدَفين أو القريبين لا مثيل لها أيضاً في أي حرب وفي أي منطقة من العالم، بحيث يعمدُ هؤلاء الى التجمّع في نقطة قريبة ضمن المسافة المحدّدة، الى التقاط صورة المبنى المستهدف لحظة سقوطه أرضاً وكأنهم يتابعون أحد أفلام “الكرتون”، ومع السقوط المدوّي للبناء ترتفعُ أصوات الاستغاثة “يا عذراء” (مريم البتول) أو “يا زهراء”(فاطمة بنت النبي محمد) بحسب المنطقة الجغرافية المستهدفَة ولونها الطائفي.

هذه الظاهرة لا تدعو الى الاستغراب فقط بل الى الاستنتاج بأن ردود فعل اللبنانيين يمكن إدراجها ضمن “متلازمة” نفسية جديدة يتوجّب على علم النفس الحديث إيجاد تسمية محددّة لها على غرار المتلازمات التي تتخطى المئة ضمن قائمة كاملة وصِفت على مدار 150 عاماً في الطب النفسي العيادي، علماً أن تعريف “المتلازمة” هو أنها مجموعة من الأشياء المتزامنة مثل العواطف والأفعال يدّلُ ظهورها مجتمعة على الإصابة بمرضٍ أو اضطرابٍ نفسي أو سلوكٍ شاذ يمكن التعرّف اليها، وهي تميل الى الحدوث معاً وتُسمّى عادةً بإسم الطبيب الذي يلاحظها ويشخّصها للمرة الأولى.

في النموذج اللبناني الدال على إصابة عددٍ من اللبنانيين بمتلازمة تصوير مشاهد الدمار من دون هلع أو خوف، يعني تزامن الخطر الداهم مع ردة فعل باردة، وهو أمرٌ يستحق المتابعة من الأطباء والاختصاصيين العاملين في قطاع علم النفس على الصعيد الدولي، وذلك بحثاً عن تفسير علمي لهذه الظاهرة وعن أسبابها وتداعياتها.. أما الباقي فمتروكٌ لعناية العذراء والزهراء.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: