ما قاله شعراً محمود درويش وما انشده غناءً مارسيل خليفة لممانعي الامس واليوم وربما الغد “صامدون هنا قرب هذا الدمار العظيم” قاله السيّد حسن نصرالله ونقلته صحيفة السفير في 3 تموز 1991: “الدنيا في فكر الحزب فانية محدودة، نحن قوم ننمو ونكبر في الدمار”، مع ميزة وامتياز أكبر، بأن نصرالله كان اكثر صدقاً وانباءً وتعبيراً عن ثقافة وعقيدة حزبه ووليّه الايراني ودولته الاسلامية وممارستهم التي انتجت ما آلت اليه جبهات وأوطان وأحزاب الممانعة ولن يكون آخره ما توصلّت اليه الجبهة الايرانية الراعية والمشغلة والمصدرة لتلك الثقافة وهذه العقيدة، مع نماذجها الحاضرة امام الشاشات وعلى الصفحات في غزة في فلسطين والجنوب والضاحية الجنوبية والبقاع في لبنان وطهران وضواحيها شمالاً غرباً وجنوباً في ايران.
هذه المشاهد – النماذج لم تمنع القيمين المقيمين تحت دمار الابنية والمنازل والمقرات من عَقْد حلقات الرقص احتفالاً بنصرٍ غير منجز على اوراق الاتفاقات، ومن انشاد لأزمات الصمود والانتصار الهزيل تحت الدمار العظيم على الايقاع القديم الذي عزف عليه الناصريون مع احمد سعيد والبعثيين العراقيين مع احمد سعيد الصحاف ومنشدي الحزب ومنهم “عميل” المنشدين محمد صالح وصولاً الى المنشدين المحتفلين المحتفين بالانتصار تحت دمار فوردو وطهران واصفهان العظيم.
امام هذه الممارسة المستمرة المتمادية من مدارس “الصامدين” القديمة لتلك العقيدة، لم يكن يعتقد معتقد في لحظة ان التطوّر العلمي والتكنولوجي في التواصل والاتصالات والمواصلات، قد يصل الى حدّ ان تضع تغريدة لترامب الشيطان الأكبر الاميركي ببضعة أسطر على منصة الكترونية حدّاً لحربٍ جرت على بعد آلالاف الكيلومترات بين عدويين خاضاها ايضاً عن بعد كيلومترات، ولم يكن يعتقد معتقد الّا يقفز الطرف الايراني جرياً على عادته وعقيدته وادبياته واناشيده، على النتائج الواقعية ووقائعها التكتيكية والجيو سياسية والجيو استراتيجية، محتفلاً محتفياً مزهواً بنصرٍ عظيم الهي مكرر معجل مستعجل صادرٍ عن اعلى مرجعياته الدينية والعسكرية والسياسية واتباعها الحزبية والاعلامية في الاقليم.
لقد كان وقع تغريدة رئيس الولايات المتحدة الاميركية دونالد ترامب اكثر قساوة واكثر الزامية على الالتزام والاحترام وحسن التطبيق بمضمونها من الدساتير والقوانين وتوصيات الامم المتحدة قرارات مجلس الامن الدولي ومنها الصادرة تحت الفصل السابع، وما مسارعة النظام الايراني على نفيه اي خرق لوقف اطلاق النار بعد دخوله حيز التنفيذ حسب تغريدة، الآمر بالسلام والناهي عن الحرب، رأس الشيطان الاكبر دونالد ترامب الا تعبيراً صادقاً عن جدوى الاحتفال والاحتفاء والزهو المذكورين اعلاه، وتعبيراً مناقضاً لما ادلى به كل من مرشد الثورة الولي الفقيه وما تبقى من قياديي الجيش والحرس الثوري الايراني والمسؤولين الرسميين في الجمهورية الاسلامية الايرانية عن “انتصار عظيم وهزيمة مدويّة للولايات المتحدة الاميركية ورئيسها ترامب وذلك الضربة الايرانية على قاعدة العديد الاميركية في قطر ملقنة الاسرائيلي والاميركي والدول الغربية درساً جعلهم يتوسلون ويتسولون وقفاً لاطلاق النار”.
في حين ان الوقائع العلمية المعلومة اثبتت وكشفت وفضحت ان ايران كانت قد ابلغت “الاعداء” الأميركيين قبل ساعات بالضربة التي وصفها الحرس الثوري بـ”المدمرة” والتي لم تسقط اي من صواريخها المتجهة من ايران الا اجزاءً على الاراضي البعيدة عن “القاعدة” مستهدفةً من الدفاعات الاميركية والقطرية.
طبعاً وانطلاقاً من “الدمار” الذي طاول المقرات العسكرية والامنية والمنشآت النووية والشقق الخاصة والآمنة والمنصات الالكترونية والاعلامية والصاروخية والمصانع والمعامل الكهربائية والالكترونية والنفطية والبتروكيميائية، وانطلاقاً من تصفية عشرات القيادات والعلماء ومنهم من صُفّي على يد “جحافل العملاء” العاملة بنشاط وبراحة في شوارع طهران وبقية المحافظات الايرانية، من المنتظر ان يمتثل النظام المنتصر، بعد امتثاله لتغريدة ترامب، لشروط يوقعها بيده على غرار ما فعل الحزب الربيب في اتفاق وقف اطلاق النار ليصبح استحالة وقف البرنامج النووي وبرنامج الصواريخ البالستية مباحاً لا بل مطلباً ايرانياً وعلى الورق موقعاً بالدم وبالدمار، تماماً كما كانت صعوبة انسحاب الحزب من جنوب نهر الليطاني قبل “انتصار” وقف اطلاق النار في 27 تشرين الثاني 2024 تفوق صعوبة سحب نهر الليطاني الى الحدود اللبنانية الاسرائيلية على ما تندر به وسخر السيد حسن نصرالله.
انطلاقاً من “انتصار الحزب ونموه وكبره” في الدمار العظيم هذا، وقف الحزب متفرجاً قاصراً مقصراً على ضرب ايران واضعافها وتقويض حكمها من الثنائي الاميركي – الاسرائيلي الأشد عداوة على قلب المحور وعقله ورأسه ووجوده وحرية حركته وحركاته في المنطقة والعالم، ليصبح الحزب كما بقية الأذرع قوة صوتية قبل ان يحين آوان قطافه مع حزم الدولة اللبنانية لأمرها في بسط سلطتها وسيادتها على كامل الاراضي اللبنانية كافة على ما وقّع عليه الحزب ملتزماً متعهداً منتصراً محتفلاً.