"مصوّر الحقيقة الذي ابتلعته الحرب".. خيوط جديدة بقضية سمير كسّاب؟

kjdiejf

اثنا عشر عاماً مرّت، تغيّر فيها الكثير في لبنان والمنطقة، لكن شيئاً واحداً لم يتغيّر، وجع عائلة سمير كسّاب وغيابه الذي لا يزال يثقل القلوب. منذ خريف العام 2013، انقطعت أخبار المصوّر اللبناني الشاب في سوريا، بعدما كان يوثّق بعدسته مآسي الحرب هناك، فاختفى هو نفسه في قلب المأساة.

سمير، الذي خاطر بحياته لينقل الحقيقة من الميدان، لم يكن يبحث عن مجدٍ شخصي أو عنوانٍ عريض، بل عن صورةٍ تقول ما تعجز عنه الكلمات. إلا أنّ الحرب التي ذهب لتصويرها انتهت، وبقيت حربه الخاصة مفتوحة على الانتظار والخذلان.

على مدى السنوات الماضية، طالبت عائلته مراراً الجهات الرسمية والدولية بالتحرّك الجدي لكشف مصيره. وُعدوا كثيراً، سمعوا وعوداً بالتوسّط والمساعي، لكن النتيجة واحدة: لا جديد، لا أثر، ولا عدالة.

وفي هذا السياق، أشار جورج كسّاب، شقيق المخطوف سمير كسّاب، إلى أنّهم لا يملكون حتى اللحظة أيّ معلومة مؤكدة عن مصير سمير، ولا يعرفون شيئًا عن وضعه، مؤكّدًا أنّ العائلة تتابع باستمرار مع الدولة اللبنانية كلّ المعطيات التي تَرِد إليهم.

وكشف كسّاب، عبر موقع Lebtalks، أنّهم التقوا وزير الخارجية يوسف رجي بحضور النائب غياث يزبك، وسلّموه ورقة تتضمّن بعض المعطيات التي حصلوا عليها أخيراً. وأوضح أنّ هناك معتقلين في فرنسا كانوا في السابق منتمين إلى تنظيم داعش، وتولّوا مهمة سَجن الصحافيين الفرنسيين في حلب، في الفترة نفسها التي كان فيها سمير محتجزًا في السجن والمنطقة ذاتها.

أضاف أنّهم طلبوا من الوزير رجي أن يتمّ التواصل مع السلطات الفرنسية، سواء عبر وزارة العدل أو من خلال القنوات الديبلوماسية، وفق ما تقتضيه الأصول القانونية، وذلك لمعرفة ليس فقط مصير سمير، بل أيضًا مصير طاقم سكاي نيوز عربية بأكمله.

وأشار كسّاب إلى أنّ الوزير رجي أبدى استعداده الكامل للتعاون، وبدأ النظر في المسار القانوني للقضية، مع التنسيق مع وزير العدل اللبناني لمتابعة الملف بالتوازي مع القضاء الفرنسي.

وتابع قائلاً إنّ السلطات الجديدة في سوريا تطالب أخيراً بتسلّم بعض السجناء وغيرهم من لبنان، ولكن لدينا نحن مئات الأشخاص المعتقلين، إذ يتجاوز عددهم الـ600 شخص، ما زالوا في السجون السورية منذ عهد النظام المخلوع بشّار الأسد، ومن بينهم سمير وطاقم سكاي نيوز.

أضاف أنّ آخر المعطيات الدقيقة التي وصلتهم تعود إلى عامَي 2016 و2017، إلا أنّ المعلومات الأكيدة كانت في الفترة الأولى من الخطف، حيث أكّد أحد الصحافيين الفرنسيين الذين كانوا معتقلين في حلب أنّه رأى سمير في الزنزانة نفسها مطلع عام 2014، كما شهد عدد من الصحافيين الآخرين بأنّهم التقوه في تلك المرحلة.

وأشار إلى أنّه في أواخر عام 2017، وبعد معركة فجر الجرود والتبادل الذي جرى بين جثث شهداء الجيش اللبناني وقتلى حزب الله وأسرى من تنظيم داعش، أبلغت الدولة اللبنانية العائلة أنّ سمير لم يكن محتجزًا لدى داعش في تلك الفترة.

وختم جورج كسّاب حديثه قائلاً إنّهم قابلوا ثلاثة رؤساء للجمهورية وخمسة رؤساء للحكومة، وكانوا دائمًا يضعون الأمل في المسؤولين، يستمعون إلى وعود كثيرة، لكنّ شيئًا لم يتحقّق. وأضاف أنّه اليوم، مع العهد الجديد، يشعرون بوجود نفس جديد في البلد، وفخامة الرئيس جوزاف عون يعمل على إصلاح الوضع ومكافحة الفساد. لكنّ قضية سمير سبقت ثورة 17 تشرين، وانتهت الحرب، ومرّت الأزمة الاقتصادية، وسمير لا يزال مخطوفًا. واليوم، يجددون الأمل ويضعونه على عاتق دولة الرئيس وفخامة الرئيس، آملين أن تكون هناك جدية حقيقية في متابعة هذا الملف الإنساني والوطني.

في لبنان، أصبح اسم سمير كسّاب رمزاً للإعلامي الحرّ، وللشجاعة في زمن الخوف، لكنه أيضاً رمزٌ لإهمال الدولة وغياب العدالة الإنسانية. فكيف يمكن لبلدٍ أن ينسى أحد أبنائه الذي رفع اسمه في ساحات الخطر؟

اليوم، بعد مرور اثني عشر عاماً، يبقى السؤال واحداً وموجعاً: أين سمير كسّاب؟ ولماذا يُترك الصحافيون والمصوّرون وحدهم في مواجهة المجهول، بينما تُطوى ملفاتهم تحت رماد الحروب المنسية؟

سمير لم يمت في الصورة، فصورته لا تزال حيّة في ذاكرة زملائه وأصدقائه وكلّ من آمن بأن الصحافة رسالة، لا مهنة فحسب.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: