"من انتخاب الرئيس إلى الفجوة المالية".. عام كسر الجمود

WhatsApp Image 2025-12-31 at 11.00.29

شكّل عام 2025 محطة مفصلية في التاريخ السياسي اللبناني، بعدما حمل معه تحوّلات نوعية أنهت سنوات من الشلل المؤسسي والفراغ، وفتحت الباب أمام مسار جديد لا يخلو من التحديات، لكنه أعاد تحريك عجلة الدولة. بين انتخاب رئيس للجمهورية، وتشكيل حكومة جديدة، واستحقاقات أمنية وسياسية واقتصادية غير مسبوقة، بدا العام وكأنه نقطة انعطاف حاسمة في مسار بلد أنهكته الأزمات المتراكمة.

9 كانون الثاني 2025 – انتخاب رئيس الجمهورية

انتخب مجلس النواب قائد الجيش جوزاف عون رئيسًا للجمهورية، منهياً شغورًا رئاسيًا استمر لأكثر من عامين. جلسة الانتخاب التي وُصفت بالتاريخية لم تكن مجرد استحقاق دستوري مؤجّل، بل شكّلت إعادة انتظام للحياة السياسية والمؤسساتية، وفتحت نافذة أمل بإعادة تفعيل دور الدولة في ظل انهيار اقتصادي واجتماعي غير مسبوق.

وجاء انتخاب عون في مناخ توافقي داخلي، مدعوم بغطاء خارجي واضح، عكس رغبة دولية بإعادة الاستقرار إلى لبنان، وربط أي دعم أو مساعدات مستقبلية بإصلاحات جدّية ومؤسسات فاعلة.

8 شباط 2025 – تشكيل الحكومة الجديدة

وبعد أقل من شهر على تكليف القاضي نواف سلام تشكيل الحكومة، أبصر مجلس الوزراء الجديد النور، في خطوة اعتُبرت استكمالًا لمسار الانتظام السياسي. حكومة رفعت منذ بدايتها شعار الإصلاح واستعادة الثقة، لكنها وُضعت سريعًا أمام ملفات ثقيلة، في مقدّمها الانهيار المالي، وسلاح حزب الله، والعلاقات الخارجية، وأزمة النزوح السوري.

22 شباط 2025 – جنازة نصرالله

وفي الشهر نفسه، شهد لبنان جنازة رسمية وشعبية حاشدة للأمين العام السابق لحزب الله حسن نصرالله، الذي اغتيل العام 2024. الحدث حمل أبعادًا سياسية وشعبية عميقة، وجسّد حجم الانقسام والالتفاف في آنٍ معًا، في بلد لا تزال معادلات القوة فيه شديدة الحساسية.

آذار 2025

مع دخول آذار ونيسان، نشط الحراك الديبلوماسي، مع سلسلة لقاءات بين مسؤولين لبنانيين وممثلين عن الإدارة الأميركية ودول غربية، تناولت ملفات وقف إطلاق النار جنوبًا، إعادة الإعمار، والإصلاحات المالية. غير أنّ الخلاف الداخلي حول سلاح حزب الله بقي العنوان الأبرز، وظهر بوضوح في النقاشات المرتبطة بالسيادة والاستراتيجية الدفاعية.

21 نيسان 2025 – وفاة البابا فرنسيس

وفاة البابا فرنسيس في نيسان عن 88 عامًا، بعد 12 سنة من حبرية اتسمت بالإصلاحات الجريئة، والدفاع عن قضايا العدالة الاجتماعية، وسط انقسامات داخل الكنيسة الكاثوليكية.

4، 11، 18، 24 أيار – الانتخابات البلدية

وفي أيار 2025، أُجريت الانتخابات البلدية للمرة الأولى منذ نحو عشر سنوات، على مدى أربعة أيام. ورغم التحديات اللوجستية والمالية، شكّل الاستحقاق محاولة لإعادة تفعيل الحياة المحلية والمؤسسات المنتخبة، في ظل تراجع الخدمات وانهيار قدرات البلديات.

8 أيار 2025 ت انتخاب البابا لاوون الرابع عشر

انتُخب البابا لاوون الرابع عشر خلفًا للبابا فرنسيس، في مرحلة عالمية مضطربة تتسم بتحديات سياسية واجتماعية ودينية متعددة، تتراوح بين النزاعات الإقليمية إلى الأزمات الإنسانية والاقتصادية. جاء انتخابه ليحمل رسالة تجديدية وإصلاحية، مع التركيز على تعزيز الحوار بين الأديان ونشر قيم العدالة الاجتماعية والسلام.

13 حزيران 2025 ـ اندلاع حرب إيران وإسرائيل

إقليميًا، اتّسم عام 2025 بتصعيد غير مسبوق بين إسرائيل وإيران، شكّل أخطر مواجهة مباشرة بين الطرفين منذ سنوات. فقد نفّذت إسرائيل ضربات جوية واسعة استهدفت مواقع إيرانية وحليفة لها في أكثر من ساحة، وردّت طهران للمرة الأولى بشكل مباشر، عبر صواريخ ومسيّرات، ما كسر قواعد الاشتباك التقليدية ورفع منسوب القلق الدولي من حرب شاملة.

28 تموز 2025 – وفاة الفنان زياد الرحباني

وعلى المستوى الثقافي، غيّب الموت الفنان اللبناني زياد الرحباني، أحد أبرز وجوه المسرح والموسيقى السياسية، تاركًا إرثًا فنيًا وثقافيًا شكّل مرآة نقدية حادة للواقع اللبناني على مدى عقود.

صيف 2025 حمل ملفات شائكة، فعلى المستوى الاجتماعي، أطلقت الحكومة، بالتعاون مع منظمات دولية، خطة لتنظيم العودة الطوعية للاجئين السوريين، في ظل ضغط اقتصادي ومعيشي متزايد، ومحاولات لتحقيق توازن دقيق بين الاعتبارات الإنسانية ومصالح الدولة اللبنانية.

5 و 7 آب 2025 – خطة حصر السلاح

وفي الخامس والسابع من آب، عُقدت جلستان وُصفتا بالتاريخيتين، كُلّف خلالهما الجيش اللبناني بوضع خطة رسمية لحصر السلاح بيد الدولة. القرار قوبل بترحيب دولي واسع، في مقابل اعتراض صريح من حزب الله، ما فتح نقاشًا وطنيًا حادًا حول مستقبل السلاح ودور الدولة وحدود السيادة.

6 آب 2025، 20 تشرين الثاني 2025 ـ عمليات نوعية للجيش

أمنيًا، سُجّلت محطة بارزة مع مقتل عدد من أخطر تجّار المخدرات، من بينهم «أبو سلة»، في منطقة الشراونة – بعلبك، خلال اشتباك مع الجيش اللبناني. وجاءت العملية في سياق ملاحقة شبكات الكبتاغون العابرة للحدود، المرتبطة بأسماء بارزة، أبرزها نوح زعيتر، المطلوب بعشرات المذكرات والأحكام، والذي أُوقف لاحقًا، في خطوة اعتُبرت رسالة حازمة في اتجاه استعادة هيبة الدولة.

28 آب 2025 – التمديد لقوات اليونيفيل

قرر مجلس الأمن تمديد مهمة قوات "اليونيفيل" حتى نهاية عام 2026، مع طرح خطة انسحاب تدريجي، بالتوازي مع التأكيد على تعزيز دور الجيش اللبناني في حفظ الأمن جنوب البلاد، وسط توترات إقليمية متصاعدة.

تشرين الأول 2025 ـ عودة الجدل حول قانون الانتخاب

أما المستوى السياسي – التشريعي، عاد قانون الانتخاب إلى واجهة الجدل الوطني، ولا سيما في ما يتعلّق باقتراع اللبنانيين غير المقيمين. فقد انقسمت القوى السياسية بين من طالب بحصر تمثيلهم بستة مقاعد مخصّصة للانتشار اللبناني، وبين من تمسّك بحقهم بالاقتراع في دوائرهم الأصلية، معتبرًا أي تعديل انتقاصًا من حق دستوري ومكتسب ديموقراطي.

الجدل لم يقتصر على البعد القانوني، بل اتّخذ طابعًا سياسيًا بامتياز، في ظل اتهامات متبادلة بمحاولة إعادة هندسة التمثيل النيابي وفق حسابات انتخابية مسبقة. كما طُرحت تساؤلات حول الجهوزية اللوجستية والمالية لإدارة اقتراع واسع في الخارج، ودور وزارة الخارجية، ومصير مشاركة مئات آلاف اللبنانيين المنتشرين حول العالم.

14 تشرين الأول 2025 – اتفاقية قضائية بين لبنان وسوريا

قضائيًا، سُجّل تحرّك لافت مع إعلان استعداد سوريا للتعاون في ملفات اغتيالات قديمة، ما فتح الباب أمام آمال حذرة بإحياء مسار المحاسبة والعدالة، ولو ضمن مسار طويل ومعقّد.

تشرين الأول 2025 ـ هدنة بين إسرائيل وحماس

تم التوصل إلى هدنة وتبادل أسرى بين إسرائيل وحركة حماس، أنهت حربًا مدمّرة في غزة خلّفت خسائر بشرية ودمارًا هائلًا، من دون معالجة جذور الصراع. هذه التطورات أعادت خلط الأوراق إقليميًا، ووضعت لبنان مجددًا في قلب التوتر، بين محاولات تحييده وضغوط الانخراط في مواجهة لا يملك ترف تحمّل كلفتها.

26 تشرين الثاني 2025 - توقيع الاتفاق البحري بين لبنان وقبرص

على الصعيد المالي، تم توقيع الاتفاق البحري مع قبرص، بعد أكثر من عقدين من المفاوضات، في خطوة استراتيجية على صعيد الطاقة والموارد الطبيعية.

30 تشرين الثاني ـ زيارة البابا لاوون إلى لبنان

وفي خطوة ذات رمزية روحية وسياسية عالية، اختار البابا الجديد لبنان ضمن أولى محطاته الرعوية الخارجية بعد زيارته تركيا، تحت عنوان "طوبى لفاعلي السلام". الزيارة حملت رسائل دعم واضحة للبنان في أزمته الوجودية، وشدّدت على دوره كنموذج للتعددية والعيش المشترك في الشرق الأوسط، في وقت تتراجع فيه مساحات الحوار وتتصاعد الصراعات.

3 كانون الأول 2025 ـ سيمون كرم رئيساً للوفد اللبناني في "الميكانيزم"

وفي الإطار الديبلوماسي أيضًا، شكّل تفعيل لجنة الميكانيزم الخاصة بمتابعة تنفيذ التفاهمات الأمنية جنوبًا محطة بارزة، مع تعيين السفير اللبناني سيمون كرم على رأس الوفد اللبناني إلى هذه اللجنة. التعيين عكس توجّهًا رسميًا لإعادة الإمساك بالملف الحدودي من بوابة الدولة ومؤسساتها، وإعطاء الدور الديبلوماسي اللبناني وزنًا أكبر في إدارة التفاوض غير المباشر، في ظل التعقيدات الأمنية المتصلة بالوضع على الحدود الجنوبية.

26 كانون الأول 2025 ـ إقرار قانون الفجوة المالية

واختُتم العام بإقرار الحكومة مشروع قانون الفجوة المالية، الهادف إلى تحديد حجم الخسائر في القطاع المالي وتوزيعها بين الدولة والمصارف ومصرف لبنان، في خطوة اعتُبرت مفصلية على طريق الخروج من الانهيار. غير أنّ هذا القانون، الذي أثار جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية والاقتصادية، لا ينفصل عمليًا عن مسار التفاوض مع صندوق النقد الدولي، الذي يربط أي برنامج دعم أو تمويل للبنان بتحديد دقيق للخسائر وآلية واضحة لمعالجتها.

لم يكن العام 2025 عامًا عاديًا في تاريخ لبنان، بل شكّل لحظة كسر جمود طويل أعادت ترتيب المشهد السياسي، ووضعت البلاد أمام مفترق طرق حاسم. فبين الفرص المتاحة لإعادة بناء الدولة، والمخاطر الكامنة في الانقسامات العميقة، يبقى التحدي الأساسي ترجمة التحوّلات السياسية إلى إصلاحات فعلية، تعيد الثقة المفقودة، وتضع لبنان على سكة التعافي الحقيقي، بعيدًا من التسويات الموقتة والأزمات المؤجّلة.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: