كتب الدكتور شربل عازار:
ما زال صوت الأمين العام “الأغلى” “لحزب الله” السيّد حسن نصرالله يَطنّ في الآذان مندّداً “بالشيطان الأصغر” إسرائيل و”بالشيطان الأكبر” أمريكا،
ومهدّداً باجتياح الجليل وتدمير تل أبيب وصولاً الى إزالة “الكيان الغاصب” من الوجود بعد أن أصبح الكيان “أوهن من بيت العنكبوت”،
ومؤكّداً على “وحدة الساحات” من غزّة الى لبنان الى سوريا واليمن والعراق وصولاً الى طهران،
ومذكّراً “أعداء” الداخل والخارج بامتلاك “حزبه” “مئة وخمسين ألف صاروخ ومئة ألف مقاتل أكلهم وشربهم وتسليحهم وتدريبهم ومعاشاتهم ورواتبهم وأوامرهم من الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة”.
الى أن حَصَل ما لم يكن في الحسبان،
ففي أيلول ٢٠٢٤ انفجر “البيجر” و”التوكي ووكي” وسَقَطً الأمين العام التاريخي “للحزب” مع قيادات الصفّ الأول والثاني وربّما الثالث، ووافق “الحزب” على وقف إطلاق النار المشروط، الذي وافقت عليه “حكومة حزب الله” برئاسة ميقاتي بالإجماع في ٢٧ تشرين الثاني ٢٠٢٤، “فبَصَمَت” الحكومة، دون أي مناقشة، على شروط “هوكستين” الذي أعلم الرئيس برّي بما توافقت عليه أميركا مع إسرائيل لناحية إطلاق يد الأخيرة لكي تُعَربِد في سماء لبنان متى وكيفما تشاء، من أدنى الجنوب الى اقصى الشمال ووصولاً الى آخر نقطة في البقاع.
وفي ٨ كانون الأول ٢٠٢٤ سقط نظام الأسد وسَيطَرَ الشرع “بحلّته الجديدة” على “سوريا الجديدة”،
وأعلن الحشد الشعبي ودولة العراق حيادهم العسكري عن معارك “حماس” و”حزب الله” وإسرائيل،
وتلقّى الحوثيّون عشرات الغارات الاسرائيليّة والأميركيّة،
الى أن كانت الخاتمة مع الحرب الاسرائيليّة الإيرانيّة التي انتهت بعد ١٢ يوم فقط بفعل تدخّل طائرات ال B2 الأميريكيّة التي عطّلت مفاعلات “فوردو” و”نطنز” و”أصفهان” النوويّة.
هنا لا بدّ من التذكير أنّ إيران لم تدافع لا عن لبنان ولا عن “المقاومة” خلال حرب الإسناد، ولا حتى بعد فقدان “درّة” قيادات المحور السيّد حسن نصرالله.
لكن عندما أتى الدور عليها، أي على إيران، أمطرت هذه الأخيرة إسرائيل بقدر ما استطاعت من صواريخ ذكيّة وباليستيّة. فَثَبُتَ بالوجه الشرعي أنّ إيران لا تدافع إلّا عن إيران ونظامها، وآخر همّها أذرعتها.
بعد كلّ هذه المتغيّرات، يَجهد الأمين العام الجديد “لحزب الله” الشيخ نعيم قاسم مع رفاقه في القيادة، لاستعادة “مصداقيّة” الحزب المفقودة اليوم، والتي كانت نوعاً ما مُقنِعَة لجمهور “الحزب” وبعض أتباعه في زمن السيّد نصرالله،
فصاروا اليوم يُخبروننا عن الانتصارات “الإلهيّة” في حرب الإسناد،
وعن حضور “الملائكة” معهم في ساحات الوغى،
وعن قدسيّة السلاح شمال الليطاني،
ويخبروننا أنّ نزع السلاح هو بِدءاً من حدود نهر الليطاني باتجاه إسرائيل جنوباً،
وأنّ حصريّة السلاح تعني سلاح الأمن في الداخل فقط ولا تعني إطلاقاً سلاح “المقاومة”،
ويخبروننا أنّ من “يطالبون بنزع سلاح “حزب الله” سَنَنزع أرواحَهم لأنّ سلاحنا هو ديننا وقرآننا ومحمّدنا وعليّنا وفاطمتنا وحسننا وحسيننا….”.
خلاصة القول:
-كلّ قيادات “حزب الله” فهمت جيّداً أن لا سلاح بعد اليوم في “جنوب الليطاني”.
-كلّ قيادات “حزب الله” مصرّة على تقديس وتأليه السلاح “شمال الليطاني” !!
ولأنّ كلّ قيادات “المقاومة” تعرف أنّه ما كان هناك أصلاً، ولم يعد هناك مِن “وحدة ساحات”،
فعليه، بقيت “ساحة وحيدة” “لحزب الله” هي ساحة “زقاق البلاط”،
فهل تمرّ فيها الطريق الى فلسطين، فيُعيد التاريخ نفسه؟