في لعبة مكشوفة تكرّس سياسة الالتفاف على الاستحقاقات الوطنية، يسعى حزب الله وحلفاؤه إلى الإيحاء بقبولهم لقائد الجيش جوزيف عون كمرشح رئاسي، بينما يعملون خلف الكواليس لتمرير مرشح آخر يخدم مصالحهم الضيقة. هذه المناورة، التي باتت مكشوفة أمام القوى المحلية والدولية، لا تهدف سوى إلى كسب الوقت ووضع الجميع أمام أمر واقع جديد. لكن هذا التكتيك يتجاهل تغيّر المعطيات الإقليمية والدولية، حيث أصبحت التهريبات التقليدية للحزب وحلفائه موضع رفض قاطع من المجتمع الدولي.
المعارضة اللبنانية، التي باتت أكثر وعياً لهذه اللعبة، تضع نفسها في حالة تأهب لأي محاولة لفرض رئيس يعيد عقارب الساعة إلى الوراء. فتهريب مرشح يتماشى مع رؤية الحزب وحلفائه يعني تدمير ما تبقى من الدولة اللبنانية، اقتصادياً وسياسياً. في ظل الأزمة العميقة التي يعيشها لبنان، يبدو أن الحزب يغامر من جديد بمستقبل البلد من أجل المحافظة على موقعه، متجاهلاً الكارثة التي تنتظر اللبنانيين إذا ما استمر المسار نفسه.
المعادلة الإقليمية واضحة: لبنان أمام فرصة نادرة للالتحاق بموجة التغيرات في المنطقة، حيث يتم التركيز على الإصلاح والبناء واستعادة الدولة. أي محاولة للالتفاف على إرادة المجتمع الدولي والمسار الإقليمي الجديد لن تكون سوى خطوة انتحارية تعمّق عزلة لبنان وتطيح بآخر فرص إنقاذه. على حزب الله وحلفائه أن يدركوا أن العودة إلى السياسات القديمة لم تعد خياراً مطروحاً، وأن استمرار هذه المناورات سيؤدي إلى ارتطامهم بجدار الواقع الإقليمي المتغيّر.