كتبَ أنطوان سلمون: في المبدأ وفي المنطق وفي العلم وبحكم المحتوى الوظيفي تتكون شخصية الرجل الأمني من مزيج من الغموض والتحفظ والسرية والإقلال من الاطلالات والاقتصاد في التصريحات، وهذا انتهجه مسؤولو الامن والاستخبارات في الدول والمنظمات والأحزاب، اذ لم تخالط شخصيتهم او بروفيلهم زحطات اعلامية وانكشافات جرمية او مماسك سياسية او قضائية او حتى أمنية كانت بمثابة تصاريح تمنح للعدو والشريك على السواء يعبرون من خلالها وعلى لسان من يجب ان يكون حصانه مصان لا خوّان على ما عوّدنا مسؤول أمن حزب الله على غير عادة زملائه وأترابه ومنافسيه واعدائه الأمنيين…
في الاطار المذكور وبعد غياب املاه على مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب استهدافه بعد انكشاف مكان اقامته او تردده لعلة عدم احترافيته في التخفي والتحفظ على ما تبيّن، ظهر صفا ليكمل زحطاته وكشفه لمكنونات ومخططات وليثبت اتهامات وادانات جهد حزبه منذ نشأته وحتى وصوله الى حافة نهايته على طمسها واخفائها ونكرانها ونفيها…
دلالة على ما نقول من المفيد التذكير ببعض تصاريح وفيق صفا الامني التي فتحت معابر القبض على الحزب بالجرم المشهود متلبساً والتي كشفت الحزب امام شركائه قبل اعدائه من دون الحاجة للخرق الامني الخارجي وقبل الاستعانة بالتفوق التكنولوجي والذكاء الاصطناعي…
في 6 ايلول 2013 يقول وفيق صفا: “لم يرد أي اسم لي في المحكمة الدولية، بل بالعكس أنا من ينسق بين الحزب والمحكمة، ولم يكن في مرحلة من المراحل وجود أي اسم لي”… ليفتح هذا التصريح الصريح الباب امام اتهام صفا وحزبه بالتنسيق والتعامل المباشر وغير مباشر مع كيان امبريالي اميركي اسرائيلي مسيّس هدف للنيل من الحزب وليمنح هذا التصريح مصداقية لادانة المتهمين من الحزب الذين طوبوا قديسين حسب مسؤولي الحزب المكشوف من صفا نفسه.
في 5 شباط 2019 يكشف وفيق صفا ان حليفه جبران باسيل ينظر الى السيد نصرالله على أنه من “القديسين” ليكشف تصريحه تبعية وذمية وضعفاً لمن اسمى تكتله لبنان القوي ولينسحب على الحزب ما كان قد قاله البطريرك الراحل مار نصرالله بطرس صفير عن الاحتلال السوري بأن “ليس للحزب حلفاء بل عملاء”.
في 26 كانون الأول 2020 يقول المسؤول الامني اياه لمجلة “العهد” الناطقة باسم حزبه وفي ذكرى اغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني إن هذا الاخير “هو من خرج بفكرة أسر جنديين إسرائيليين في تموز 2006″… ليكون هذا التصريح تأكيداً لمؤكدات خصوم ايران والحزب بأن قرار هذا الأخير في الحرب والسلم بيد طهران وحرسها الثوري والذي لا يشكل الحزب أكثر من فصيل تابع لأمرته… وليكون ما قاله حسن نصرالله انه “لو كان يعلم… لما اقدم على خطف الجنديين” منفصل عن حقيقة الآمر ومتصل عضوياً بحقيقة التابع الملحق المنفذ للأوامر.
في 21 ايلول 2021، كشف الصحافي إدمون ساسين بتغريدة ما يلي: “الحزب عبر وفيق صفا بعث برسالة تهديد الى القاضي طارق بيطار مفادها واصلة معنا منك للمنخار، رح نمشي معك للآخر بالمسار القانوني وإذا ما مشي الحال رح نقبعك”.
هذا التدخل وهذا التصريح كان معبراً الزامياً وحيداً لفهم تورط ما في تفجير 4 آب 2020 وتدخل سافر دائماً مستداماً في القضاء وخرق واستهداف لاستقلاليته وتهديد واضح بالإيذاء ان لم نقل بالقتل… وكل هذا على لسان المسؤول الذي يفترض بمهامه ان تكون سرية غير مكشوفة وغير مفضوحة، وهذا الأداء باتجاه القضاء عاد وعبّر عنه في 5 كانون الثاني 2025 بعد طول غياب عن الساحة والاحداث والتطورات بإقراره علناً وبتبجح عن ضغطه وتدخله وحزبه بالقضاء عبر اطلاق الناشطات المقترفات الفاشينيستيات القريبات من الحزب… كذلك في تدخله وتهديده للجيش الممسك بأمن المطار حماية للحقائب المشبوهة من ايران وضرباً لسيادة الدولة اللبنانية على أراضيها ليمنح للعدو استغلالاً وذريعة للاعتداء على المطار الذي كان بمنأى عن الاستهداف بفضل استلام الجيش اللبناني وضبطه لأمن المطار الذي هلل له وباركه وايده وزير الحزب المعني بنزع الذرائع من العدو في المطار علي حمية.
كما حملت اطلالة صفا الاخيرة المذكورة تصريح مرور وتصديقاً لما توقعه معارضو الحزب بعد هزيمته امام الخارج وخروجه الى شمال الليطاني مع سلاحه الفاقد لجدواه بعيداً عن التماس مع العدو، ان يلتف على الداخل كما التف بعد الـ2006 مهدداً مخوناً تحت مقولته “الحزب سيكون حاضراً في كل ما يمس بمعنويات شعبنا… وسنمنع عن شعبنا أي اذى في الداخل”، متناسياً ومخففاً مما تعرّض له من الخارج ومتجاهلاً مغيباً ما فعله هذا الداخل مع “شعبه” اثناء غيابه القسري الذي دام لثلاثة اشهر، هذا الجهل والتجاهل دفعا الى وضع “فيتو” على من حضن هذا الشعب واطعمه وسقاه وكساه وحماه متهماً اياه بالتدميري امام اطنان من الركام التي تسبب بها حزبه بإسناده قبل سقوطه بتوقيعه على اتفاق انهائه… ليكشف هذا التصريح الاخير دور الحزب الالغائي في الداخل ومع الشريك اللبناني، ودوره المهادن والمستسلم والمسالم مع العدو الاميركي والصهيوني.
في المحصلة ومما اوردنا على لسان مسؤول الارتباط والتنسيق في الحزب الحاج وفيق صفا من حقائق كاشفة، نحن امام رجل أمن كشف وفضح أسرار حزبه، ودلّ على نقاط ضعفه وعوراته ودلّ على ارتكاباته، واماط اللثام عن مخططاته وحقيقة توجهاته ليخدم العدو أكثر بكثير من عشرات الشبكات ومئات العملاء والاف الخروقات الالكترونية التي نخرت جسد الحزب وعملت تقطيعا في اعضائه حتى رؤوسه.