يُنظر في الحياة السياسية اللبنانية إلى استمرار الرئيس نبيه بري في رئاسة مجلس النواب كحالة استثنائية، إذ يشغل هذا الموقع منذ عام 1992، أي ما يزيد على ثلاثة عقود متواصلة في الرئاسة الثانية، ومع اقتراب موعد الانتخابات النيابية المقبلة، يبرز سؤال أساسي حول إمكان حدوث تغيير في هذا الموقع الذي شكّل ثابتة من ثوابت المشهد السياسي اللبناني.
ومع دخول الرئيس بري عقده التاسع، يتصاعد الاهتمام بملف خلافته داخل حركة أمل كما في المجلس النيابي، وتشير معطيات LebTalks المتداولة في أوساط سياسية إلى غياب الوضوح بشأن الشخصية التي يجري إعدادها فعلياً لتسلّم قيادة الحركة، كما تتقاطع معلومات حول وجود تنافس غير معلن بين أبناء الرئيس بري من زواجه الأول وبين السيدة رندة بري، التي يُنظر إليها كصاحبة دور مؤثر داخل الحركة، فيما يُطرح اسم نجله مصطفى بري كمرشح محتمل لقيادة أمل من دون أي إعلان رسمي، ويؤكد مصدر مقرّب لموقعنا أن ملامح المرحلة المقبلة قد تتضح خلال الأشهر القليلة القادمة نظراً لتقدم الرئيس بري في السن.
أما في ما يتعلق برئاسة المجلس النيابي، فلا يزال المشهد مفتوحاً على احتمالات عدة، إذ لا يوجد حتى الآن اسم محسوم يمكن أن يشغل هذا الموقع بعد سنوات طويلة من إدارة بري للمجلس، ومع ذلك، يرى بعض المراقبين أن المرحلة المقبلة قد تشهد تغييرات في موازين القوى داخل الطائفة الشيعية، وربما بروز شخصيات جديدة، من بينها حسن الحسيني نجل الرئيس الراحل حسين الحسيني، بالنظر إلى ما يمتلكه من رصيد سياسي يرتبط مباشرة بمسار اتفاق الطائف.
وتذهب قراءات سياسية إلى أن انتخابات عام 2026 لن تكون امتداداً لانتخابات 2018 أو 2022، وذلك بفعل التحولات الإقليمية العميقة التي أعادت رسم موازين القوى في المنطقة، الأمر الذي قد يفتح الباب أمام تبدلات واسعة داخل القوى الشيعية وخارجها.
ومع ذلك، تبقى كل هذه السيناريوهات ضمن إطار التقديرات، إذ إن خروج الرئيس بري من قيادة حركة أمل قد يعيد خلط الأوراق داخلها، وسط ترجيحات بأن يتمكن حزب الله من تعزيز نفوذه داخل الحركة، خصوصاً أن العلاقة بين الطرفين مرت بمراحل من التنافس الحاد قبل أن تستقر ضمن صيغة "الثنائي".
في المحصلة، يبدو أن مستقبل الرئاسة الثانية في لبنان مرتبط بنتائج الاستحقاق النيابي المقبل وبالتحولات داخل البيئة الشيعية، ما يجعل مرحلة ما بعد نبيه بري محطة حساسة في إعادة رسم التوازنات وتحديد اتجاه النظام السياسي في السنوات المقبلة.