هل يتجه الدعم الأميركي للجيش اللبناني نحو التوقف؟

7fa7cc1f-d243-41b9-a27b-66e27d265982-r4l8r1rglhxrk2ywcrt3qyt89xkrskmuepxtiybrxc

أعاد إلغاء الزيارة التي كان يفترض أن يقوم بها قائد الجيش، العماد رودولف هيكل، إلى الولايات المتحدة أمس الثلثاء، فتح النقاش حول مستقبل الارتباط بين المؤسسة العسكرية اللبنانية وواشنطن، فبحسب ما تسرب من معلومات، فإن سبب الإلغاء يعود إلى انزعاج أميركي واضح من البيان الأخير الصادر عن القيادة العسكرية اللبنانية، والذي حمّل إسرائيل وحدها مسؤولية التصعيد، من دون أي إشارة إلى دور حزب الله، الأمر الذي رأت فيه الإدارة الأميركية ابتعادًا عن الحياد المطلوب في ظرف شديد الحساسية بالنسبة للبنان.

هذا التطور دفع ملف المساعدات الأميركية للجيش إلى نقطة دقيقة، إذ بات استمرار هذا الدعم مرتبطًا بشكل مباشر بالخيارات التي ستعتمدها المؤسسة العسكرية في المرحلة القريبة، خصوصًا بما يتصل بواقع الجنوب وآلية تنفيذ قرار الحكومة بحصر السلاح ضمن الأطر الرسمية، وتشير المعطيات إلى أن هذا الملف أُودع لدى وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، الذي يتولى حاليًا صياغة الاتجاه الجديد للسياسة الأميركية حيال لبنان، بما يعكس جدية واشنطن في إعادة النظر بمجمل التعاون الدفاعي القائم.

وتؤكد مصادر أن الجيش اللبناني ماضٍ في تنفيذ الخطة الحكومية الرامية إلى بسط سيادة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية، وفق جدول زمني متدرج يشمل انتشارًا في مناطق الاحتقان ونزع السلاح الخارج عن سلطة الشرعية، كما تشدد هذه المصادر على أن هذا المسار يُعد، من وجهة نظر المؤسسة العسكرية، شرطًا أساسيًا لاستعادة الاستقرار الداخلي وتعزيز الثقة الدولية بلبنان.

في المقابل، تكشف مصادر غربية بارزة في واشنطن، خلال حديثها لمنصة LebTalks، أن التجارب الماضية أثبتت أن العمل في الملفات اللبنانية لا يتقدم إلا تحت ضغط مباشر، مستذكرة ما حدث في 5 و7 آب، حين اتخذت الحكومة قرارًا غير مسبوق بحصر السلاح بالدولة، وتقول هذه المصادر إن هذا القرار جاء نتيجة دفع واضح من الورقة التي قدمها الموفد الأميركي توم براك إلى المسؤولين اللبنانيين، وتضيف بأن واشنطن تشك في إمكانية اتخاذ الحكومة تلك الخطوة لو لم تكن تحت ضغط أميركي مباشر.

غير أن الزخم الذي رافق ذلك القرار ما لبث أن تراجع سريعًا، ما ولّد انطباعًا لدى الجهات الأميركية بأن الجانب اللبناني إما غير راغب بما يكفي، أو أنه يتحرك ضمن هامش محدود من الالتزامات، وتوضح المصادر نفسها أن تقييم واشنطن لأداء الجيش، بعيدًا عن التقرير الذي قدمه العماد هيكل مؤخرًا لمجلس الوزراء حول عمل الوحدات جنوب الليطاني، لم يعد شأنًا داخليًا لبنانيًا فحسب، بل أصبح مرتبطًا بالمعايير التي تضعها العواصم الداعمة، وفي مقدمتها الولايات المتحدة.

والمفارقة أن إدارة الرئيس دونالد ترامب، رغم تخفيضها الواسع للمساعدات الخارجية في ملفات كثيرة، كانت قد اعتمدت دعمًا نوعيًا للجيش اللبناني، وهو ما فُهم في حينه كرسالة مباشرة إلى حزب الله وإلى القوى السياسية اللبنانية، بأن واشنطن تعتبر المؤسسة العسكرية ركيزة مركزية في أي مسار مستقبلي يخص لبنان، ويُنتظر اليوم أن يشكل المؤتمر المرتقب لدعم الجيش محطة أساسية في الإطار نفسه، ضمن مقاربة مشتركة بين السعودية والولايات المتحدة لتعزيز حضور الجيش في المرحلة المقبلة.

وتشير المصادر الغربية إلى أن نجاح هذا المسار يبقى مرتبطًا بما سيثبته الجيش ميدانيًا، وخصوصًا في الجنوب، حيث تراهن واشنطن على قدرة المؤسسة على فرض وقائع جديدة، معتبرة أن أي تقدم في هذا الملف سيكون مرتبطًا ارتباطًا مباشرًا بقدرة الجيش على التعامل مع التحدي المركزي المتمثل بحزب الله.

وتخلص هذه المصادر إلى القول إن علاقة واشنطن بالمؤسسة العسكرية اللبنانية تدخل مرحلة شديدة الحساسية، فالدعم الأميركي لم يُرفع، لكنه بات محاطًا بشروط واضحة ومعلنة، واليوم تقع المسؤولية على عاتق الدولة والجيش، اللذين سيتحدد وفق خطواتهما العملية على الأرض ما إذا كان التعاون الثنائي سيتقدم إلى مستوى أعلى، أو سينزلق إلى تراجع غير مسبوق ستكون له انعكاسات واسعة على مستقبل الاستقرار في لبنان بأكمله.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: