هل يدرك لبنان تداعيات التحولات الإقليمية؟

lebanon2

أمام هول ما يحصل من تحولات جيوسياسية في المحيط القريب، منذ زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الخليج، وعلى رأسه المملكة العربية السعودية، وما رافقها من حلول بدأت تتّضح معالمها التنفيذية، بدءًا من سوريا، التي دخلت، بشكل أو بآخر، بقيادة الرئيس أحمد الشرع، مرحلة الإعداد للتطبيع المؤدي إلى السلام مع إسرائيل، في ظل تقدم بطيء ولكن مهم في المفاوضات الأميركية – الإيرانية، حيث لا يفاوض النظام على النووي بقدر ما يفاوض على مصيره.

وفي ظل التوتر "الشخصي" بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والذي يزداد تعقيدًا يومًا بعد يوم (من دون أن يعني ذلك، بالتأكيد، تخلي واشنطن عن التزاماتها بأمن وسلامة إسرائيل)، نلاحظ أن هذا التوتر بدأ يحاصر نتنياهو سياسيًا واستراتيجيًا، بدليل توقفه عن ضرب سوريا، وقبوله بتسوية موضوع الأسرى في غزة، وسواها من ملامح تخفيف حدة الاحتقان في علاقته بالرئيس ترامب.

وقد بلغ التوتر حدّ إرسال الرئيس الأميركي تحذيرات شديدة اللهجة من مغبة قيام نتنياهو بقصف البرنامج النووي الإيراني، وصولًا إلى ممارسة أقصى الضغوط الأميركية على تل أبيب للقبول بصفقة تبادل الأسرى، وإدخال المساعدات إلى القطاع المنكوب، وإقالة ترامب لمستشار الأمن القومي لديه، مايك والتز، على خلفية كشف اتصالات سرّية بين الأخير ونتنياهو حول كيفية إقناع ترامب بضرب النووي الإيراني، وبالتالي عرقلة التفاوض الأميركي – الإيراني.

كلها وقائع تؤشر إلى حصول تحولات ضخمة وتاريخية في حسابات ومعادلات المنطقة الجيوسياسية، التي تجعل قطار السلام والتطبيع موضوعًا على نار حامية وبوتيرة متسارعة.

إزاء كل ذلك، يُلاحظ تفهّم أميركي لوضع لبنان فيما يتعلق بموضوع السلام مع إسرائيل، كون "الطبخة" اللبنانية لم تنضج بعد نحو هذا السلام. وقد قبلت واشنطن باعتبار اتفاقية الهدنة لعام 1949 أفضل الممكن حاليًا، ودعت إلى أن يعود لبنان وإسرائيل إلى تطبيقها، ريثما تنضج تلك الطبخة.

لكن، في مقابل هذا التفهم الأميركي، يُطلب من لبنان حاليًا أمر واحد: حصر السلاح بيد الدولة وبسرعة، لأن ترف الوقت ممنوع، ولأن سرعة التحولات الإقليمية تتطلب إشراك لبنان في ركب التحولات المحيطة، تفاديًا لفوات الفرصة الذهبية لتلك التطورات وتداعياتها.

من هنا، يُطرح السؤال الكبير:

هل لبنان الرسمي على دراية بخطورة وتداعيات التباطؤ في حل موضوع السلاح؟ وهل يقرأ جيدًا مآل التحولات الدراماتيكية الحاصلة في محيطه، وما يمكن أن تتركه من إيجابيات أو سلبيات، في حال نجح في الالتحاق بقطار التحولات أو فشل؟

أخشى ما نخشاه، في هذا السياق، أن يكون الجنوب اللبناني ضحية التأخير والتباطؤ في حل موضوع السلاح، مع احترامنا وتقديرنا وتأييدنا لكافة مواقف الرئيسين عون وسلام السيادية في ما يخص السلاح والمعادلة "الخشبية" البالية، كما صرّح أخيراً الرئيس نواف سلام، في موقف متقدم وسيادي بامتياز، يعكس حقيقة قناعة الدولة بضرورة استعادة السيادة وانتشالها من براثن حقبة حكم حزب الله، ومن خلفه إيران، للبنان لعقود.

فما وراء المواقف الممتازة، هناك التطبيق المطلوب، سريعًا، حاسمًا، وحازمًا.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: