.. وأوقعَ “الحزب” اللبنانيين في فخ الانزلاق الدموي

335421Image1-1180x677_d

“أنطوان سلمون”

أمام ما يجري من حديث متفائل عن إمكانية حل ما أو هدنة أو وقف لإطلاق النار المشتعلة على الساحة اللبنانية جنوباً شمالاً بقاعاً وجبلاً لبنانياً وعاصمة وضاحية، لا بد لنا أن ننظر بعين المراقب المتفحص الى النتائج الأولية السياسية والعسكرية والبنيوية والانسانية والاقتصادية للأيام الثلاثة من الغارات تحت المسمّى الاسرائيلي “سهام الشمال” ليبنى على المسؤولية مساءلة ومحاسبة وادانة وتعلماً من الدروس الدموية القاسية الماضية والحاضرة.

لم يعد خافياً على أحد أن الحزب في رده “المتدرج” على اختراقات العدو واستهدافاته الكبيرة لشبكة اتصالاته ولكبار كوادره وقيادييه، “استدُرِج” واستدرج معه لبنان بحكومته وأرضه وشعبه إلى ما لا تحمد عقباه وإلى ما كان قد نصبه نتنياهو من أفخاخ أراد من خلالها إلى انزلاق لبنان والمنطقة الى الحرب الشاملة المأمولة من العدو، كما استدرج الى ما كان قد نجح الحزب وحلفاؤه من الرسميين اللبنانيين والضغوطات الدولية والاميركية على رأسها في تجنب الوقوع والانزلاق وابعاد تجرع اللبنانيين كأس الحرب الشاملة الموسعة… وفي هذا قال الرئيس نبيه برّي متأخراً للأسف في 22 ايلول 2024 لصحيفة الشرق الأوسط: “لن نقع في فخ نتنياهو وننزلق الى الحرب”.

على رغم من وقوع مَن وما وقع وما يجري على كامل الساحة اللبنانية حتى كتابة هذه السطور، نرى “الحزب” مستمراً متمادياً في “استدراج” استمرار وتمادي وتوحش وإجرام الردود على الردود ولم يكن آخره صاروخه البالبستي الوحيد “القادر” على الانطلاق إلى تل أبيب من دون القدرة على السقوط فيها، وما تلاه من استدراج لتدمير منصته بعد “عدم” اتمام مهمته المرسومة.

يغيب عن بال الحزب تجربة حرب “لو كنت اعلم” والتي تعدّ مناورة بالاسلحة “الخلبية”، اذا ما قيست خسائر ايام “سهام الشمال” الثلاث بخسائر “النصر الالهي” الثلاث والثلاثين.

غاب عن بال الحزب وذاكرته كذلك التجربة الدموية المتمادية في غزة والتي امتدت الى الضفة الغربية وقد تتكرر على الساحة اللبنانية، فتجربة الصاروخ “غير القادر” المذكور، المنطلق من لبنان سبقته مئات الصواريخ التي انطلقت من غزة والتي نجحت في الوصول وإصابة مبان ومؤسسات ومواقع في قلب تل ابيب في بداية حرب غزة والتي ثبت بالوجه العلمي والواقعي الميداني والوقائع اللاحقة على الأرض انها لم تكن قادرة على ابعاد كأس “خراب غزة” واحتلالها.

من التجربة ذاتها تلك يستعيد ويستعير امين عام الحزب حسن نصرالله وحزبه تجربة “ابو عبيدة” الناطق كتائب القسم في حماس وحركته في دعوة العدوّ لاحتلال الارض مرحباً مغتنماً لفرصتها تدميراً وازالة لاسرائيل، متوقعاً نتائج مختلفة لما حصل مع هذا الاخير.

في دلالةٍ على ما نقول نعود الى ما توعّد العدو ووعد نفسه و”جمهوره” به ابو عبيدة في 9 تشرين الأول 2023: “خططنا للحرب بصورة جيدة، ووضعنا كل الاحتمالات، كيف لجيش كرامته مهدورة بعد إبادة فرقة غزة التابعة له بالكامل، أن يخوض معارك برية مع قواتنا… تسعة أعشار قادة وجنود القسام، ينتظرون بفارغ الصبر لحظة المواجهة، التي استعدوا لها جيدا، في حال فكر بشن الحرب”… والى ما قاله نصرالله في 19 ايلول 2024 “غيرَ مستفيدٍ” من دروس غزة وحصيلتها: “نحن نتمنى أن يدخلوا إلى أرضنا اللبنانية”، ما يعتبره العدوّ تهديداً، نحن نعتبره فرصة تاريخية ونحن نتمناها”.

بغض النظر عما قد تسفر عنه الوساطات والضغوطات الدولية والعربية وما قد تؤدي إليه التوسلات المحلية والاقليمية بعد خطابات التهديدات والانتصارات والرفض والفرض الزاخمة بـ”العنتريات” وخصوصاً الصادرة عن الممانِعة منها، فإن المعطيات ومضامين الأوراق المرسلة والمتراسَلة، تشير الى اننا أمام مشاريع حلول وتسويات والتزامات بالقرارات، كانت مطروحة ومطلوبة ومقترحة ومتداولة على البارد ومن دون اراقة الدماء وتكبد الخسائر منذ ما قبل السادس من تموز 2006 وما قبل الثامن من تشرين الأول 2023 والسابع عشر من ايلول 2024 وغزوة البيجر الدموية وفخ الردود المستدرجة.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: