وفود رسمية "رايحة وجاية".. فسادٌ مقنّع وهدرٌ موصوف

lebanon

للفساد الإداري في لبنان أوجهٌ لا تُعد ولا تحصى يحتاج التوسّع في تفاصيلها الى مجلدات تحكي عن ممارسات تعرقل الأداء المؤسسي وتهدر المال العام من دون رقيب أو حسيب، كما تتحدث عن ضعف في دور أجهزة الرقابة مثل التفتيش المركزي وديوان المحاسبة، والأسوأ من كل هذا هو أن بعض أو ربما غالبية أوجه هذا الفساد غير ظاهرة للعيان بحيث يمكن أن تمر عملية هدر المال العام مرور الكرام على المواطنين الغافلين عن القراءة ما بين السطور، والخبر التالي الذي سنورده يمثل نموذجاً مثالياً عن الفساد المقنّع.

الخبر بإيجاز يقول بإن وزير العمل محمد حيدر غادر الأسبوع الماضي على رأس وفد الى العاصمة الأذرية باكو حاملاً تفويضاً من رئيس الجمهورية جوزاف عون ورئيس الحكومة نواف سلام للتفاوض مع منظمة التعاون الإسلامي حول انضمام لبنان الى مركز العمل التابع للمنظمة وطرح مبادرة لاعتماد بيروت مقراً إقليمياً للمركز.

حتى الآن الخبر يبدو عادياً وهو لا يثير أي انتباه أو اهتمام لكنه لا يمر حتماً على العارفين ببواطن الأمور ودهاليز الهدر داخل هيكلية الإدارة العامة، فبحسب مصادر ديبلوماسية مطلعة فإن سفر وزير على رأس وفد من أجل التفاوض على إنشاء مركز إقليمي يُعدُّ هدراً موصوفاً للمال العام، والتصويب هنا ليس فقط على وزير العمل بل على كل مَن يتبع هذا المسار في عمل الإدارة إذ يكفي بحسب المصادر الديبلوماسية في هذه الحالة أن يقوم بعملية التفاوض موظف كبير في السفارة اللبنانية في باكو، لكن بات معلوماً لدى جميع مَن يتولون العمل في الوزارات والإدارات العامة أن أول نموذج لاستدرار المال هو السفر في "المهمات الرسمية" التي ظاهرها التفاوض وباطنها السفر والاستجمام ليأتي بعدها جمع مخصصات السفر اليومية من خزينة الدولة اللبنانية للوفود المشاركة، علماً أن الوزراء لا يمكنهم السفر من دون موافقة رئيسي الجمهورية والحكومة.

هذا غيض من فيض إدارة عامة "سائبة" بكل ما في الكلمة من معنى، فهل هناك أمل في وقف هذا الهدر والفلتان؟ الجواب على الأرجح سيكون سلبياً لأن المستفيدين كثر.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: