إعتبر الكاتب والمحلل السياسي جورج أبو صعب أن تطورات الأيام الأخيرة في العراق وإقليم كردستان، ولا سيما القصف الإيراني لإربيل، بالتزامن مع الانقلاب الإيراني في بغداد الذي فرض على العراقيين معادلة حكم حلفائه وعودة إمساك الإطاريين (جماعة الإطار التنسيقي الموالين لطهران) بمفاصل الدولة ومؤسساتها، بمثابة اختبار قوة للحرس الثوري الذي استعاد المبادرة بعد نجاح طهران في إنهاء دور مقتدى الصدر وإخضاع الشيعة المعارضين لمرجعية قم.
وأضاف أبو صعب أن "اللافت كان غياب أي ردة فعل شيعية على قصف إربيل، ما يثبت ببساطة المعادلة الجديدة التي نجحت إيران في فرضها على العراقيين".
وتابع أبو صعب تحليله معتبراً أن إيران لطالما كانت "العميلة الأولى" للأميركيين والغرب في المنطقة، وهي اليوم بقصفها إربيل وإطلاق يدها في العراق من دون أي تدخّل أميركي للجمها أو مواجهتها تُثبت التخادم وتبادل المصالح بين الطرفين، وهذا ما يفسر أيضاً السكوت الأميركي الرسمي والصمت الغربي رغم بعض البيانات السطحية الخجولة عما يجري في إيران نفسها من انتفاضة شعبية وثورة على النظام القائم، والذي هو حليف أول للغرب والأميركيين الذين لا يريدون إسقاط هذا النظام حتى الآن مهما كلف الأمر.
وأضاف أبو صعب بالإشارة الى أن إيران، ورغم كل هذه الاعتبارات، تضعف يوماً بعد يوم لأنها تكاد تفقد استقرارها الداخلي وتتداعى سياستها الخارجية بعد فشل المفاوضات النووية وفشلها في تسويق وجهة نظرها من المواقع النووية الثلاثة السرية.
لكن يبقى أن إيران الضعيفة أو المتراجعة هي أخطر من إيران القوية لاسيما اذا أخذنا بالاعتبار أذرعها الإقليمية في دول عربية، والقادرة على تصعيد الأوضاع وزرع الفوضى عندما يصبح الجنوح آخر الدواء.
وختم أبو صعب بالإشارة الى أن تطورات الحرب في أوكرانيا وبحر البلطيق وتداعيات ذلك على الأمن والسلم العالميَين والطاقة أمور بدأت تلقي بظلالها على المنطقة، خاصة وأن مؤشر قصف إربيل يحاكي تدخلاً إيرانياً- تركياً في شمال العراق بهدف حماية طهران للفصائل الكردية الموالية لها، وضرب تركيا لفصائل كردية تشكل تهديداً لأمن تركيا القومي، بما يمكن أن يؤدي الى إعادة خلط أوراق أذربيجان وأرمينيا وكازاخستان التي اتخذت موقفاً رسمياً غير حليف لروسيا بإعلانها بالأمس عن ترحيبها بالمواطنين الروس الهاربين من الخدمة العسكرية الجبرية أو ما يُعرف "بالتعبئة الجزئية".
