استقالة لوكورنو تُفاقم الوضع الاقتصادي في فرنسا

WhatsApp Image 2025-10-07 at 19.42.42_347f3bc0

بعد ستة عشر شهراً من الأزمة السياسية، تتزايد الأعباء على فرنسا، مما يصعّب من وضعها المالي المتعثّر أصلاً، إذ شهدت معدلات الاستثمار وثقة الأسواق تراجعاً، وارتفعت أسعار الفائدة، إلى جانب تكاليف الانتخابات المرتفعة.


لا يزال الاقتصاد الفرنسي يعاني تداعيات قرار حل الجمعية الوطنية الذي اتخذه الرئيس إيمانويل ماكرون في حزيران2024، قبل أن تتفاقم الأمور بسبب استقالة رئيس الوزراء سيباستيان لوكورنو الاثنين.

تباطؤ في النمو
يتوقع المعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية (INSEE) أن يبلغ النمو في فرنسا 0,8% فقط هذا العام، متأثراً بعزوف الشركات والأسر عن الاستثمار، وارتفاع معدل الادخار، فضلاً عن تأثير التباطؤ الاقتصادي على التوظيف.

وبحسب المرصد الفرنسي للظروف الاقتصادية (OFCE) الذي قيّم تأثير حالة الإرباك السائدة، ستبلغ تكلفة الأزمة السياسية منذ بدايتها في حزيران2024 ما يعادل 0,5 نقطة مئوية من النمو، أي 15 مليار يورو، بحلول نهاية عام 2025.

في حديث إلى وكالة "فرانس برس"، يقول الخبير الاقتصادي في المرصد الفرنسي للظروف الاقتصادية إريك إيير: "في ظل حالة الغموض، تُجمّد الشركات كل شيء، سواء الاستثمار أو التوظيف، وتزداد مدخرات الأسر"، مما يُضرّ بالنمو.

وينبه الخبير الاقتصادي إلى ضرورة التعامل بحذر مع هذا التقييم، نظراً إلى الصعوبة الكبيرة في تقييم تأثير أزمة متعددة الجوانب بدقة في ظل وضع عالمي قاتم.

في نهاية كانون الثاني، أشارت وزارة الاقتصاد إلى أنّ تكلفة حجب الثقة عن حكومة ميشال بارنييه و"عدم الاستقرار الذي ولّدته" تُقدَّر بـ12 مليار يورو، وهو رقم رفضته المعارضة آنذاك.

وبحسب خبراء شركة "أليانز تريد"، بلغت تكلفة حل الجمعية الوطنية وحدها 4 مليارات يورو، مُقسّمة بين انخفاض قدره 2,9 مليار يورو في عائدات الضرائب، نتيجة انخفاض النمو بمقدار 0,2 نقطة مئوية، وارتفاع أعباء الفوائد على الديون الفرنسية بنحو مليار يورو.


اضطرابات في الأسواق المالية
تضررت الأسواق المالية بشدة جراء الأزمة السياسية، سواء لجهة الأسهم في البورصة أو أسعار الفائدة.

وتكمن القناة الرئيسية لتمدّد الأزمة في ارتفاع معدلات الاقتراض الفرنسي لأجل عشر سنوات، والتي تتجلى من خلال الفارق في معدلات الفائدة مع ألمانيا المعروف بـ"سبريد". وارتفع هذا الفارق بنحو 0,3 إلى 0,4 نقطة مقارنة بالفترة التي سبقت حل الجمعية الوطنية.

ليس ارتفاع أسعار الفائدة الفرنسية خبرا سارا للمالية العامة، إلا أن اقتراض البلاد خلال السنوات الأخيرة بمعدلات فائدة منخفضة بشكل غير مسبوق يُخفف من وطأته.

يقول مدير الدراسات الاقتصادية في كلية "اي او اس او جيه" للإدارة إريك دور، إنَّ "الوضع ليس دراماتيكيا، فهذه ليست اليونان، لكنه سيزيد من تعقيد الجهود المبذولة في الموازنة".

بعيداً من خطر أزمة مالية حادة، يكمن القلق الأكبر في التدهور التدريجي والمزمن للمالية العامة، إذ وصلت الديون العامة إلى رقم قياسي يتخطى3,4 تريليون يورو، بالإضافة إلى خطر تدهور التصنيف الائتماني من قبل وكالات التصنيف بعد قرار وكالة فيتش في أيلول الذي يعزى إلى حالة عدم الاستقرار السياسي، ما قد يؤدي إلى زيادة تكلفة الديون.

وفي البورصة، ارتفع مؤشر كاك 40 الذي يضم أكبر 40 شركة في البلاد، بنحو 8% منذ بداية العام، مقارنة بارتفاعات تراوح بين 15% و25% في المراكز المالية الأوروبية الرئيسية.

وقال إريك ايير: "هذا يعني بالنسبة إلى الشركات تراجعا في قدرتها الاستثمارية"، مما يُضعف مكانتها في المنافسة الدولية.

مزيد من التكاليف
يتطلب تنظيم العملية الانتخابية، من إجراء الانتخابات إلى تعويض نفقات المرشحين وزيادة المخصصات المالية للوزراء السابقين، تكاليف باهظة، خصوصاً عند الدعوة إلى الانتخابات بشكل متكرر، مع العلم أنّ هذه النفقات تبقى أقل نسبيا مقارنة ببعض التكاليف الأخرى.

ويقول المقرر العام السابق للموازنة شارل دو كورسون، في تقرير برلماني مؤرخ في تشرين الثاني2024، إنَّ تكلفة تنظيم الانتخابات التشريعية بعد حل الجمعية الوطنية بلغت نحو 200 مليون يورو.

وعندما استقال سيباستيان لوكورنو الاثنين، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي رسائل كثيرة تنتقد الامتيازات الممنوحة لخمسة نواب جدد انضموا إلى الحكومة، لم يتولّوا مناصبهم سوى لساعات قليلة فقط، مما يعني احتمال تقاضيهم مخصصات مالية لثلاثة أشهر.

لكنّ مادة في قانون الانتخاب تستبعد هذا الاحتمال. وسيستمر النواب السابقون في تقاضي مخصّصاتهم البرلمانية، لكن ليس العلاوة الوزارية.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: