في وقت تزداد فيه قوة أدوات الذكاء الاصطناعي وسهولة الوصول إليها، لم تعد هذه التقنيات حكرًا على المطوّرين والباحثين، بل أصبحت في متناول مجرمي الإنترنت، في ما بات يُعرف اليوم بـ”الذكاء الاصطناعي المظلم”.
“جرائم رقمية بحُلَل جديدة“
في هذا السياق، قال خبير الأمن السيبراني ومكافحة الجرائم الإلكترونية محمد محسن رمضان، إن “الذكاء الاصطناعي المظلم لم يعد مجرد مفهوم نظري، بل أصبح واقعًا تتجلى فيه الجرائم الرقمية بحُلل جديدة، من التصيّد الاحتيالي المقنّع، مرورًا بالتزييف العميق (Deepfake)، وصولًا إلى توليد برمجيات خبيثة قادرة على التخفي والتطوّر الذاتي”.
وأضاف رمضان في حديثه لـ”العربية.نت” أن “الهجمات أصبحت أكثر تعقيدًا وذكاءً، إذ تُستخدم نماذج الذكاء الاصطناعي في إنشاء رسائل تصيّد إلكتروني شديدة الإقناع، واستنساخ المواقع الرسمية لخداع المستخدمين، وتحليل السلوك البشري لاستهداف الضحايا وفق نقاط ضعفهم، إلى جانب التلاعب بالصوت والصورة لانتحال شخصيات معروفة”. ولفت إلى أن “كل ذلك يتم اليوم بسرعة ودقة مخيفة، دون الحاجة إلى خبرات تقنية كبيرة، ما يضاعف حجم التهديد”.
أدوات إجرامية من قلب “الدارك ويب“
وتابع موضحًا أنه “منذ إطلاق ChatGPT أواخر عام 2022، بدأت منصات الإنترنت المظلم في استنساخ وتعديل نماذج الذكاء الاصطناعي لأغراض إجرامية، ومن أبرزها:
- WormGPT: أداة مفتوحة المصدر تُستخدم في توليد برمجيات فدية وأكواد ضارة.
- FraudGPT: منصة لتوليد رسائل تصيّد وابتكار أدوات اختراق.
- AutoGPT: تُستخدم لتدريب النماذج على تنفيذ أهداف خبيثة بشكل ذاتي.
- FreedomGPT: أداة لا تخضع لأي رقابة وتُستخدم في توليد محتوى خطير دون اتصال بالإنترنت”.
وشدد على أن “كل واحدة من هذه الأدوات تمثل مصنعًا رقميًا للجريمة، تُدار بالذكاء الاصطناعي وتُسوّق كخدمات اشتراك شهري على الدارك ويب”.
“جريمة يومية وليست استثناء“
كما حذر الخبير المصري من أن “الخطر الحقيقي يكمن في أن هذه الأدوات لم تعد محصورة بالمحترفين، بل أصبحت متاحة للهواة والمبتدئين أيضًا، ما يعني أن الجريمة السيبرانية ستتحوّل من عمليات نادرة ومعقّدة إلى ظاهرة يومية ومنتشرة”.
وأشار إلى أن “تقارير شركات الأمن العالمية تدق ناقوس الخطر، إذ سجلت شركة CrowdStrike استخدامًا متزايدًا للذكاء الاصطناعي في هجمات سيبرانية فورية ومتقدّمة، بينما صنّفت شركة Gartner الهجمات المدعومة بالذكاء الاصطناعي ضمن أخطر التهديدات التي تواجه المؤسسات. كما كشفت غوغل عن استغلال نموذجها (Gemini) من قبل جهات تهديد مدعومة حكوميًا، فيما رصدت شركة Acronis تضاعف عدد هجمات التصيّد والتزييف العميق بنسبة 200%”.