شهدت الصحف الإسرائيلية، اليوم الخميس، تراجعاً في التفاعل مع تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب حول تهجير الفلسطينيين من غزة إلى دول مجاورة مثل مصر والأردن.
وظهرت مقالات تنتقد الخطة باعتبارها غير واقعية، مشيرةً إلى أن “الفلسطينيين لن يتركوا أرضهم، وأن التصريحات مجرد “تحايل سياسي” من دون أي خطة عمل حقيقية”.
وشن الكاتب الإسرائيلي أوري مشغاف، في صحيفة “هآرتس”، هجوماً لاذعاً على خطة التهجير، مؤكداً أنها “غير قابلة للتطبيق”.
وكتب: “لن يكون هناك نقل للسكان من غزة، والأميركيون لن يبنوا ريفييرا هناك. لا توجد خطة، ولا يوجد عمل تمهيدي لها”، مضيفاً أن “ترامب لا يفعل سوى الثرثرة، لأن هذه هي طريقته”.
ووصف مشغاف تصريحات سابقة لترامب بأنها “غير واقعية”، مثل اقتراحه أن تقوم كوريا الشمالية ببناء فنادق بدلاً من الصواريخ النووية، أو فكرة غزو بنما والاستيلاء على غرينلاند وضم كندا.
ولفت مشغاف إلى أن “رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بدا متردداً عندما تحدث ترامب عن إخلاء غزة دون موقف أميركي واضح. واستشهد بوعود الرئيس السابق خلال ولايته الأولى، مثل ضم الضفة الغربية، والتي لم تتحقق رغم احتفاء اليمين الإسرائيلي بها”.
كما سخر من وسائل الإعلام الإسرائيلية التي روجت للخطة دون تدقيق، واعتبر أنها “كسولة وسطحية”، قائلاً إنها “ابتلعت هراء ترامب ونتنياهو عن أشياء لن تحدث أبداً”.
وانتقد كذلك عضو الحكومة السابق ،بيني غانتس، لوصفه أفكار ترامب بأنها “تفكير مثير للاهتمام”، معتبراً أن “ترامب نفسه لن يتذكر غداً ما قاله اليوم”.
ورأى مشغاف أن “المعارضة الإسرائيلية وحدها قد تكون قادرة على إعادة إسرائيل إلى رشدها”، داعياً إلى “تشكيل لجنة تحقيق رسمية حول ما وصفه بـأكبر هزيمة إستراتيجية في تاريخ إسرائيل”.
ووجّه مشغاف انتقادات حادة للتحالف بين ترامب واليمين المسيحي المتطرف في الولايات المتحدة، حيث يرى أن “ترامب يقود الغرب نحو كارثة غير مسبوقة، بينما تنتظر روسيا والصين ذلك”.
وأشار إلى أن “مقابلة طويلة أجراها نتنياهو مع زوجة أحد القساوسة الإنجيليين الأميركيين، مشدداً على التأثير الكبير الذي يتمتع به هؤلاء في قاعدة ترامب الانتخابية”.
وذكر أن “هؤلاء القساوسة يؤمنون بأن المسيح سيخوض معركة “هرمجدون” في الشرق الأوسط”، معتبراً أن “هذا الفكر الديني المتطرف لا يجب أن يكون له تأثير على مصير المنطقة”.
أضاف: لا يمكننا أن نكون بيادق في أيدي هؤلاء القادمين من فلوريدا أو قيسارية. في بلادنا الدموية والمأساوية، لم يعد لدينا أطفال للحروب غير الضرورية، ولا رهائن بائسين لنضحي بهم على مذبح حكومة الوزير المالية الأسرائيلي بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي الإسرائيلي السابق إيتمار بن غفير”.
من جهته، تناول المحلل السياسي لصحيفة “يديعوت أحرونوت”، آفي إيساشاروف، الفكرة من زاوية مختلفة، معتبراً أن “رفض الفلسطينيين للخطة واستمرار سيطرة حركة حماس على غزة يجعلان تصريحات ترامب غير قابلة للتطبيق على أرض الواقع”.
وقال الكاتب: لقد أثارت تصريحات ترامب حول تهجير الفلسطينيين خيال عدد كبير من الإسرائيليين. فبعد 7 تشرين الأول، يرغب كثيرون في رؤية غزة تختفي وسكانها يرحلون، وأن تتحول إلى ريفييرا أميركية مزدهرة. لكن المشكلة الوحيدة أن هذا ليس واقعياً”.
ورأى أن تصريحات ترامب قد تكون مجرد مناورة سياسية أو خطوة تفاوضية مع “حماس”، لكنه أكد أنها “ليست خطة عمل حقيقية، لأنه لا يوجد أي كيان عربي مستعد للتعاون معها، بما في ذلك الدول العربية المعتدلة التي تعارضها بشدة”.
وأوضح أن “دولاً عربية مثل مصر والأردن، في الوقت الذي تتلقى فيه مساعدات أميركية، تشعر بقلق أكبر من تدفق اللاجئين الفلسطينيين إلى أراضيها”. كما أعربت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة عن “معارضتهما للفكرة”.
أما على الصعيد الفلسطيني، فقد أكد إيساشاروف أن “لا جهة فلسطينية يمكن أن توافق على خطة تهجير”، مشيراً إلى أن “فكرة الرحيل الجماعي ترتبط في الذاكرة الفلسطينية بنكبة عام 1948، التي لا تزال تشكل جرحاً تاريخياً.
كذلك، حذر إيساشاروف من تداعيات خطة التهجير، حيث إنها قد تعزز التطرف داخل إسرائيل وتعرقل الجهود الجارية لإتمام أي صفقة. وقال: “هناك شكّ في أن تؤدي تصريحات ترامب إلى إطلاق سراح الأسرى، بل قد تعجل باستئناف القتال، مما سيحكم على إسرائيل بأشهر أخرى من الحرب في غزة”.
أضاف: “طالما أنه لا يوجد بديل لـ”حماس”، فإن أي عمليات عسكرية لن تؤدي إلا إلى المزيد من الدمار والقتل، من دون تحقيق الهدف المنشود بانهيار “حماس”. والنتيجة ستكون سقوط مزيد من القتلى الإسرائيليين واستمرار الحرب من دون أفق سياسي واضح”.