أعلنت المملكة العربية السعودية منذ يومين اعتماد نايف بن بندر السديري السفير السعودي لدى الأردن، سفيراً فوق العادة ومفوّضاً غير مقيم لدى السلطة الفلسطينية، وقنصلاً عاماً في مدينة القدس.
هذه الخطوة ترافقت مع اعتراض من قبل وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين يوم الأحد الماضي على الخطوة السعودية، مؤكداً أن القرار السعودي جاء مدفوعاً بإحراز تقدّم في مفاوضات التطبيع بين إسرائيل والسعودية، بحيث يريد السعوديون التوضيح للفلسطينيين أنهم لم ينسوهم.
الرياض قرّرت السير في التطبيع مع إسرائيل، والسديري انتقل من مبنى السفارة السعودية في عمان الى مبنى السفارة الفلسطينية في عمان أيضاً حيث التقى مستشار الرئيس الفلسطيني للشؤون الديبلوماسية مجدي الخالدي حيث سلّمه أوراق اعتماده سفيراً غير مقيم وفوق العادة للمملكة في دولة فلسطين وقنصلاً عاماً في القدس.
هذه الخطوة الديبلوماسية السعودية تجاه دولة فلسطين تُعتبر خطوة فريدة من نوعها وبنفس الوقت خطوة سعودية غير مسبوقة.
وربطاً بما يتم الحديث عنه حول مسألة التطبيع السعودي مع إسرائيل،
ففي المعلومات أن مسألة العلاقات السعودية- الإسرائيلية كانت تُطبخ على نار هادئة، وكان ولي العهد الأمير محمد بن سلمان يتريث كثيراً لأنه لا يريد أن يمنح هذا النصر للرئيس جو بايدن وفريقه عشية حملته الانتخابية العام ٢٠٢٤.
الرياض سبقَ لها أن قدمت لائحة مطالب في مقابل التطبيع مع إسرائيل تتعلق بالقضية الفلسطينية ودولة مستقلة لهم، فضلاً عن المطالب النووية والدفاعية والعسكرية وسواها من صفقات وشراكات مع واشنطن.
وفي هذا السياق، أكدت الإدارة الأميركية جدّيتها في عرض صفقة كبيرة على الرياض قوامها تطبيع العلاقات السعودية- الإسرائيلية وتوقيع اتفاقية سلام في مقابل مزايا ستمنحها السعودية، على سبيل المثال لا الحصر مظلة أمنية دفاعية غير مسبوقة تجعل المملكة بمصاف الدول المتحالفة مع أميركا ضمن حلف شمال الأطلسي. وكما أن واشنطن تسهم بشكل كبير في إيجاد مظلة دفاعية لحماية المصالح اليابانية والكورية الجنوبية كحلفاء أساسيين لواشنطن، كذلك ستقوم واشنطن بتقديم مظلة دفاعية ملزِمة للمملكة توازي تلك الموجودة مع اليابان وكوريا الجنوبية، وهذه المسألة خطيرة جداً لا يتحدث عنها الإعلام بالتفاصيل.
توقيع الرياض مع واشنطن على مظلة دفاعية أمنية ملزِمة سيؤدي الى وقف الاعتماد على شراء الأسلحة والإنفاق العسكري والجهد المضاعف لحماية مصالح المملكة وحدودها، فالشراكة السعودية- الأميركية الآتية قريباً من خلال المظلة الدفاعية الأمنية العسكرية ستعني بالدرجة الأولى للسعوديين أن أي اعتداء حوثي على المملكة سيستدعي رداً أميركياً عليه مع إمكانية شمول الرد إيران نفسها.
في المقابل، سيكون للمملكة برنامجها النووي السلمي وأسلحة أميركية متطوّرة كانت واشنطن تحجم عن بيعها للرياض، علماً أنه سبق أن أشرنا في مقالنا الأخير أول من أمس تحت عنوان “ في زمن عجقة الصفقات الأميركية في المنطقة : صفقة صغرى وأخرى كبرى … ومفاجآت " الى إقلاع قطار التطبيع السعودي- الإسرائيلي، فإدارة الرئيس جو بايدن، كما أشرنا أيضاً في مقالاتنا الأخيرة مستعجلة على إنجاز الصفقات، وأهمها صفقة التطبيع قبل نهاية هذا العام استعداداً لخوض الديمقراطيين معركتهم الانتخابية الرئاسية العام المقبل، وبالتالي فإن البيت الأبيض يقدّم للسعوديين كل ما يريدونه على "طبق من صفقة ".
الرياض تعتبر من جهتها أن الفرصة سانحة وهي فرصة لا يمكن تجاهلها أو تخطّيها أو إضاعتها بل يُفترض اغتنامها، ولهذا السبب أرسلت الرياض سفيرها غير المقيم الى دولة فلسطين إيذاناً ببدء سير التطبيع بين الرياض وتل أبيب على قاعدة طمأنة الفلسطينيين بأن الرياض تعترف بدولتهم المستقلة من خلال التمثيلَين الديبلوماسي والقنصلي في القدس، وتعمل على إنشاء دولة فلسطينية ذات حدود وسيادة مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، واتفاق السلام المقبل مع الإسرائيليين لن يؤثر على استمرار الدعم السعودي للفلسطينيين ولمطاليبهم المشروعة.
الرياض إذاً ستسير قدماً نحو التطبيع مع تل أبيب وفي أي وقت، وقد يتحقق بصورة مفاجئة بين يوم وآخر من دون سابق إنذار أو إبلاغ، ونستيقظ ذات يوم والتطبيع ماثل للعيان،
فالى التطبيع درّ …
