بعد تعليق عقد الغاز مع تركمانستان.. بغداد تراهن على كردستان

ghaz

مع إعلان الحكومة العراقية تعليق العقد الموقع مع تركمانستان لاستيراد الغاز الطبيعي عبر إيران، بسبب اعتراض الولايات المتحدة على بنوده التي قد تمنح طهران عوائد مالية، يطرح المراقبون إمكان تحول الغاز الطبيعي في إقليم كردستان إلى خيار أمام الحكومة الاتحادية العراقية، لضمان استمرار إنتاج حاجتها من الكهرباء.

مدى أكثر من سبعة أشهر، بذلت بغداد جهوداً لإقناع وزارة الخزانة الأميركية بالموافقة على العقد، لكنها فشلت.

 ويوضح مصدر سياسي عراقي مطّلع أن المساعي العراقية اصطدمت بسياسة إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب القائمة على "إيصال العقوبات على إيران إلى أقصاها". وأكد الجانب العراقي أن إيران لن تحصل على أي عوائد مالية من نقل الغاز من تركمانستان إلى العراق عبر أراضيها، مقترحاً مراقبة عمليات الاستيراد من شركات عالمية، غير أن وزارة الخزانة الأميركية رأت أن حصول إيران على جزء من الغاز في مقابل عبوره عبر أراضيها يُعد خرقاً للعقوبات.
وبحسب مسودة الاتفاق بين الطرفين، كان من المقرر أن يستورد العراق 20 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي يومياً من تركمانستان، عبر الأنابيب الإيرانية، على أن تحصل طهران على 20 في المئة من الكميات في مقابل السماح بالعبور. وكان الغاز سيبدأ بالوصول مطلع العام المقبل، لرفع إنتاج العراق من الكهرباء من 700 ميغاواط حالياً إلى نحو 1000 ميغاواط، وهي حاجة العراق الكاملة. ويأتي هذا التطور بعدما منعت واشنطن بغداد من مواصلة استيراد الغاز من إيران، عقب سلسلة من الاستثناءات الموقتة.

بالتوازي، كان رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني قد وقّع قبل أسابيع اتفاقات عدة مع شركات طاقة أميركية كبرى، لتطوير حقول الغاز وتنميتها في الإقليم، تجاوزت قيمتها 110 مليارات دولار. وقال وزير الطاقة الأميركي كريس رايت في هذا السياق إن "الفرص واعدة لتعاون الولايات المتحدة في تطوير النفط والغاز في كردستان العراق"، رغم اعتراض الحكومة الاتحادية على هذه العقود.

ويستند الخلاف بين بغداد وأربيل إلى بُعد سياسي ودستوري، إذ ترى الحكومة الاتحادية أن ملف النفط والغاز من الصلاحيات الحصرية لها، بينما تعتمد حكومة الإقليم على المادتين 111 و112 من الدستور اللتين تمنحان الأقاليم والمحافظات صلاحيات في الاستثمار والتعاقد بمجال الطاقة، خصوصاً مع تعثر تشريع قانون النفط والغاز الاتحادي منذ عام 2007.


وشرح الخبير في شؤون الطاقة عماد نيروي تعقيدات الملف قائلاً: "المسألة لا تتعلق بالحكومة الاتحادية كسلطة تنفيذية فقط، وإن كانت أداتها، بل بالقوى السياسية المركزية وامتداداتها الإقليمية، ورؤيتها لمستقبل العراق ودور الأكراد فيه. الجميع يدركون أن الاستثمار المكثف في غاز كردستان، بالتعاون مع حكومة أربيل، ووفق صيغة توافقية بشأن الدستور، يمنح الإقليم زخماً سياسياً استثنائياً، على الصعيدين المحلي والدولي. وهو ما لا تقبل به هذه القوى".


أضاف: "وجود احتياطات تصل إلى 4.4 تريليونات متر مكعب من الغاز في الإقليم، يعني أن إقليم كردستان قد يتحول إلى قطب رئيسي في هذا القطاع، ويستقطب شبكة واسعة من المصالح، خصوصاً أنه أقرب نقطة غنية بالغاز إلى أوروبا. لكن، في المقابل، تبدو الحكومة الاتحادية من دون حلول قريبة، ما قد يعني أن العراق سيكتفي بإنتاج ثلثي حاجته من الكهرباء فقط".

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: